وأقام المسلمون على باب مدينة تستر أياما كثيرة، وحاصروا العجم بها، فخرج ذات ليلة رجل من أشراف أهل المدينة، فأتى أبا موسى مستسرا، فقال (تؤمنني على نفسي وأهلي وولدي ومالي وضياعي حتى أعمل في أخذك المدينة عنوة؟ قال أبو موسى: إن فعلت فلك ذلك. قال الرجل، وكان اسمه سينه: ابعث معي رجلا من أصحابك. فقال أبو موسى: من رجل يشري نفسه، ويدخل مع هذا العجمي مدخلا لا آمن عليه فيه الهلاك، ولعل الله أن يسلمه، فإن يهلك فإلى الجنة، وإن يسلم عمت منفعته جميع الناس؟.
فقام رجل من بني شيبان، يقال له (الأشرس بن عوف)، فقال: أنا. فقال أبو موسى (امض، كلاك الله). فمضى حتى خاض به دجيل (1)، ثم أخرجه من سرب (2) حتى انتهى به إلى داره، ثم أخرجه من داره، وألقى عليه طيلسانا (3)، وقال:
امش ورائي كأنك من خدمي. ففعل، فجعل سينه يمر به في أقطار المدينة طولا وعرضا، حتى انتهى به إلى الأحراس الذين يحرسون أبواب المدينة، ثم انطلق حتى مر به على الهرمزان، وهو على باب قصره، ومعه ناس من مرازبته، وشمع أمامه، حتى نظر الرجل إلى جميع ذلك، ثم انصرف إلى داره، وأخرجه من ذلك السرب، حتى أتى به أبا موسى، فأخبره الأشرس بجميع ما رأى، وقال: وجه معي مائتي رجل حتى أقصد بهم الحرس، فأقتلهم، وأفتح لك الباب، ووافنا أنت بجميع الناس.
فقال أبو موسى: من يشتري نفسه لله، فيمضي مع الأشرس؟. فانتدب مائتا رجل، فمضوا مع الأشرس وسينة حتى دخلوا من ذلك النقب، وخرجوا في دار سينه، وتأهبوا للحرب، ثم خرجوا والأشرس أمامهم، حتى انتهوا إلى باب المدينة، وأقبل أبو موسى في جميع الناس حتى وافوا الباب من خارج، وأقبل