الاعتبار وإن تضمن تنزيل المؤدى منزلة الواقع المقطوع به في أحكامه، دون تنزيل نفس الامارة منزلة القطع، لما تقدم، إلا أنه يستفاد منه تنزيل القطع بالمؤدى منزلة القطع بالواقع في أحكامه، للملازمة العرفية بين التنزيلين، وإن لم تكن بينهما ملازمة عقلية.
وقد استشكل في ذلك في الكفاية بوجه لا يخلو عن إشكال، ولا يسع المقام التعرض له، لتشعبه وتعدد محتملاته.
ويكفي في الجواب عما ذكره في الحاشية - بعد ابتنائه على كون مفاد أدلة اعتبار الطرق تنزيل المؤدى منزلة الواقع، وقد عرفت الاشكال فيه آنفا - أن ما ادعاه من الملازمة العرفية مما لم يتضح مأخذه، بل هو ممنوع جدا بعد تعدد موضوع التنزيلين واختلاف الاحكام المترتبة عليهما.
إن قلت: يكفي في ترتب أحكام القطع بالواقع على القطع بالمؤدى إطلاق تنزيل المؤدى منزلة الواقع بلا حاجة إلى تنزيل آخر، كي يحتاج إثباته إلى دعوى الملازمة العرفية ويتسنى منعها.
و توضيح ذلك: أن إطلاق التنزيل يقتضي ترتب جميع الأحكام التي كان المنزل عليه دخيلا في ترتبها، سواء كان تمام الموضوع لها أم جزءه، بأن أخذ المنزل عليه قيدا في عنوان موضوعها، فكما يكون مقتضي تنزيل عمرو منزلة زيد مشاركته له في مثل الحرية والولاية مما يثبت لعنوان زيد بنفسه واستقلاله، كذلك مقتضاه مشاركته في مثل وجوب إكرام ولده لو فرض ثبوت وجوب إكرام ولد زيد، مع أن الوجوب لم يثبت لعنوان زيد بنفسه، بل ثبت لعنوان إكرام ولد زيد، وليس زيد إلا جزء لموضوع الحكم وقيدا في عنوانه، لا تمام الموضوع.
ولذا كان بناء الأصحاب تبعا للمرتكزات العرفية في فهم الكلام - على أن مقتضى إطلاق تنزيل المطلقة رجعيا منزلة الزوجة حرمة أختها، ومقتضى تنزيل الفقاع منزلة الخمر لو فرض كون الدليل واردا مورد التنزيل - ثبوت الحد