التنزيل واقعيا، كما في تنزيل الفقاع منزلة الخمر.
وبالجملة: إطلاق تنزيل المؤدى منزلة الواقع لا ينهض بإثبات أحكام القطع الموضوعي للقطع بالمؤدى لا ظاهرا ولا واقعا. أما الأول فللعلم بعدم تحقق الموضوع الواقعي. وأما الثاني فلعدم السنخية، بل لا بد فيه من تنزيل آخر واقعي، إما بين المؤدى والواقع، أو بين القطع بالمؤدى والقطع بالواقع، ولا مجال لاستفادته من التنزيل الظاهري المذكور، إلا بدعوى الملازمة العرفية، وهي ممنوعة جدا، لعدم المنشأ لها ارتكازا. فتأمل جيدا.
الثالث: ما ذكره سيدنا الأعظم قدس سره من أن الاشكال المذكور إنما يتوجه لو كان الملحوظ في مقام التنزيل مفهوم الطريق فقط، حيث يمتنع الجمع بين لحاظه استقلالا في نفسه ولحاظه آلة وطريقا للمؤدى. أما لو كان الملحوظ هو الطريق والمؤدى معا وتنزيلهما معا منزلة القطع والواقع فلا يلزم المحذور، لرجوعه إلى تنزيلين مختلفي الموضوع والآثار، قد لحظ موضوع كل منهما استقلالا بلحاظ أحكامه الخاصة به. والمستفاد من أدلة الحجية هو الثاني، كما يشهد به مثل قول العسكري عليه السلام: (العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما وأطعهما، فإنهما الثقتان المأمونان) (1) وغيره مما يتضمن الطريق والمؤدى كثير.
مع أن ما لا يكون بهذا المضمون لا بد أن يكون محمولا عليه، جريا على الارتكاز العقلائي في باب الحجج من كونها بمنزلة العلم عندهم في ترتيب آثاره عليها. كما أن مؤداها بمنزلة الواقع في ترتيب آثاره.
وفيه: أن ما ساقه من الأدلة على التنزيل بالوجه المذكور مما لم يتضح دلالته عليه، فإن الحديث المتقدم وإن تضمن الحكم على العمري وابنه (رضوان الله عليهما) بالوثاقة، ثم الحكم بأن ما أدياه فعنه عليه السلام يؤديان، إلا أن