تارة: بتوسط نصب الحجة عليه.
وأخرى: بدونه، كما في الأصول التعبدية، كذلك له التصدي لحفظ التكليف ببيان اهتمامه بحفظه بنحو يقتضي الاحتياط في ظرف الشك فيه أو الفحص عنه وتعلمه، فوجوب الاحتياط كوجوب التعلم حكم عقلي طريقي راجع لتنجز التكليف عقلا بسبب بيان الشارع اهتمامه بحفظه، الذي يكفي بنظر العقل في صحة العقاب عليه مع الجهل به.
ولا مجال مع ذلك لدعوى منافاته لعموم قاعدة قبح للعقاب بلا بيان، لان القاعدة المذكورة لما كانت عقلية ارتكازية، ولم تؤخذ من أدلة لفظية، فلا مجال للتمسك بعمومها في غير مورد الارتكاز، وهي مختصة ارتكازا بما إذا لم يتصد الحاكم لحفظ حكمه وأوكل الامر لحكم العقل، أما إذا تصدى لحفظه وبين اهتمامه به فلا حكم للعقل بذلك، بل يحسن العقاب عليه بنظر العقل عند المخالفة، فبيان الشارع اهتمامه بالتكليف الواقعي بالنحو المذكور رافع لموضوع حكم العقل بقبح العقاب وإن لم يكن رافعا للجهل.
وبما ذكرنا يظهر أنه لا موجب لما تكلفه بعض الأعاظم قدس سره من أن وجوب الاحتياط نفسي وعلته حفظ التكليف الواقعي في ظرف الجهل به، وأنه إن خولف فإن كان التكليف الواقعي ثابتا استحق العقاب على مخالفة التكليف الواقعي المعلوم، لا على مخالفة الواقع المجهول، وإن لم يكن التكليف الواقعي ثابتا فلا عقاب. لان وجوب الاحتياط لما كانت علته حفظ الواقع، فمع عدمه لا وجوب له واقعا، لتبعية الحكم لعلته وجودا وعدما.
مضافا إلى الاشكال فيه..
أولا: بظهور أدلة الاحتياط - لو تمت - في أن العقاب على الواقع في ظرف مخالفته، كما يشهد به مثل قولهم عليهم السلام: (من أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم).