الثالثة: قبح ترجيح المرجوح على الراجح. فإنه مع فرض تمامية المقدمات المذكورة ليس هناك إلا العمل بالظن.
والظاهر أنه لا حاجة إلى إضافة مقدمة أخرى للمقدمات المذكورة، وهي عدم جواز إهمال الأحكام المذكورة، كما صنعه غير واحد كشيخنا الأعظم قدس سره ومن تأخر عنه.
إذ الاهمال إن كان على خلاف القاعدة فلا وجه لتوهم جوازه حتى يحتاج إلى فرض عدم جوازه في مقدمات الدليل. وإن كان على طبق القاعدة فهو عبارة، أخرى عن امتناع الرجوع للبراءة المفروض في المقدمة الثانية.
اللهم إلا أن يراد بإهمال الاحكام هو إهمالها لها تبعا لسقوطها واقعا بسبب الجهل بها، فيكون أمرا آخر غير ما يأتي في المقدمة الثانية.
لكنه بعيد عن ظاهر بعض كلماتهم. ويأتي الكلام فيه تبعا للكلام في الاحتياط إن شاء الله تعالى.
ومثله ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره من أخذ مقدمة خامسة، وهي العلم الاجمالي بثبوت تكاليف شرعية، إذ لا يحتاج إلى العلم المذكور لو فرض تمامية المقدمات الثلاث.
نعم، قد يكون العلم المذكور دخيلا في إثبات المقدمة الثانية، لا أنه يؤخذ في قبالها، كما نبه لذلك سيدنا الأعظم قدس سره.
وكيف كان، فيقع الكلام في المقدمات الثلاث، فنقول:
أما المقدمة الأولى: فقد جعلت في كلامهم عبارة عن انسداد باب العلم والعلمي في معظم المسائل.
والظاهر أنه مع فرض تمامية المقدمتين الأخريين يكفي انسداد باب العلم ولو في مسألة واحدة، كما في موارد التقصير في الفحص وتعذر الاحتياط، إلا أن تمامية المقدمة الثانية في محل الكلام - وهو ما لم يكن المكلف مقصرا -