الحلال، لما هو المعلوم من أن تحريم الحلال لا يستلزم تفويت ملاكه.
نعم، بناء على ما يظهر من الفصول في تقريره للمحذور المذكور من ترتبه على العمل بالطريق، يتم ما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره لظهور أن المحذورين الأخيرين لا يتوقفان على العمل بالطرق، بل يكفي في لزوم الثاني التعبد بها من الشارع، وفي لزوم الثالث بناء المكلف على مؤداها والالتزام به ولو مع عدم العمل.
وكيف كان، فالمحذور الثالث ظاهر الدفع، إما لان التعبد الشرعي رافع لقبح نسبة ما لم يصدر من الشارع له ومخرج له عن التشريع، لاختصاص القبح الواقعي بما إذا كانت النسبة من غير حجة، ولذا لو فرض استنادها للقطع المخالف للواقع فلا قبح واقعا.
أو لان الالتزام بمؤدى الطريق والأصل لا يقتضي الالتزام بأنه الحكم الشرعي الثابت واقعا، ليلزم نسبة ما لم يصدر من الشارع له، بل الالتزام بأنه الحكم الذي قامت عليه الحجة الشرعية أو اقتضته الوظيفة العملية، وهو مطابق للواقع. ويأتي في المقام الثاني عند الكلام في الأصل المعول عليه عند الشك في الحجية توضيح ذلك.
فالعمدة النظر في المحذورين الأولين، حيث أطال الأصحاب الكلام في دفعهما.
ومن الظاهر أنهما مبنيان على ما هو الحق من التخطئة، وموضوع لهما على التصويب، لعدم بقاء الحكم الواقعي على خلاف الطرق الشرعية حتى يلزم من جعلها تفويت ملاكه، أو جعل حكم آخر مضاد له، ليلزم اجتماع الضدين.
من دون فرق بين التصويب المنسوب للأشاعرة الراجع إلى عدم جعل حكم واقعي غير مؤدى الطريق، والتصويب المنسوب للمعتزلة، المبني على جعل الاحكام الواقعية مع قطع النظر عن الطرق مع كون قيام الطرق المخالفة لها