المقام الأول: في إمكان التعبد بغير العلم المستفاد من كلماتهم أن الامكان يطلق ويراد به..
تارة: الامكان الاحتمالي الذي هو بمعنى احتمال الوقوع، في مقابل القطع بالعدم.
وأخرى: الامكان الذاتي المقابل لامتناع الشئ لذاته عقلا مع قطع النظر عما هو خارج عنها كاجتماع النقيضين.
وثالثة: الامكان القياسي، والمراد به هنا: المقابل لامتناع الشئ عقلا بلحاظ قيام الدليل على الامتناع عليه، ولو بلحاظ لزوم محاذير منه خارجة عن ذاته أدركها العقل.
ورابعة: الامكان الوقوعي، المقابل لامتناعه مطلقا ولو بلحاظ ما هو خارج عن ذاته من المحاذير الواقعية حتى المغفول عنها، فالممكن بهذا المعنى ما لا محذور فيه واقعا.
إذا عرفت هذا، فاعلم أنه ليس المراد بالامكان هنا الامكان الاحتمالي، لأنه من الأمور الوجدانية غير القابلة للنزاع والبرهان. ولا الامكان الذاتي، لعدم وفائه بالغرض المشار إليه في المقام، وهو فتح باب النظر في أدلة الوقوع، إذ من الظاهر أنه لا يكفي في ذلك إمكان الشئ ذاتا، بل لا بد من إمكان وقوعه، لعدم لزوم محذور منه، كما لا يخفى.
ومن ثم كان ظاهر شيخنا الأعظم قدس سره وغيره إرادة الامكان الوقوعي.
وحينئذ يقع الكلام في الاستدلال عليه في المقام.
قال شيخنا الأعظم قدس سره: (واستدل المشهور على الامكان بأنا نقطع بأنه لا يلزم من التعبد به محال. وفي هذا التقرير نظر، إذ القطع بعدم لزوم المحال في الواقع موقوف على إحاطة العقول بجميع الجهات المحسنة والمقبحة وعلمها بانتفائها، وهو غير حاصل في ما نحن فيه. فالأولى أن يقرر هكذا: أنا لا نجد في