يعبر عن عقائد الجاهلية مع أنها عقائد قطعية عندهم بأنها ظنون وجهالات لا يعذرون فيها، وبناءا على ذلك فلا موضوعية مهمة للقطع بما هو قطع حتى يكون محورا للبحوث العلمية.
وأما البحث في الامارات كخبر الواحد والاجماع بقسميه والشهرة وقول اللغوي فهو لا يدور مدار الظن الشخصي كما هو ظاهر تقسيم الشيخ، بل هو دائر مدار الكشف النوعي وتتميمه من قبل المجتمع العقلائي أو الشرع المقدس.
كما أن البحث في حجية الظاهر يدور مدار الميثاق العقلائي على الالتزام والالزام بهذا الظاهر وترتيب الآثار عليه سواءا كان هناك ظن شخصي أم لا.
وأما البحث في الأصول العملية فهو لا يرتبط بحالة الشك وتساوي الطرفين، فإن موضوع أصالة البراءة عقلا وشرعا هو عدم العلم وعدم تنجز العلم الاجمالي لا الشك، وموضوع الاستصحاب هو عدم العلم بانتقاض الحالة السابقة لا الشك أيضا.
فتبين لنا من خلال هذا العرض عدم مدخلية هذه الحالات النفسية في البحث الأصولي المنصب على تحديد الطريق الموصل للحكم الشرعي.
ولكننا مع ذلك اعتذرنا عن تقسيم الشيخ الأنصاري لبحوث علم الأصول على طبق حالات نفس المكلف في بحث القطع كما سيأتي، وقلنا بأن هناك عاملين يساعدان على هذا التقسيم:
أولا: إن المحيط الثقافي الذي كان يعيش فيه الشيخ فرض عليه هذا التصنيف، لوجود مدرستين متطرفتين آنذاك: مدرسة المحدثين المفرطة في الجمود على الحديث دون النظر للأدلة العقلية القطعية ومدرسة بعض الأصوليين المفرطة في الاعتماد على بعض الظنون الشخصية بحجة انسداد باب