بعد ذلك علوما مختلفة، كالهندسة المعمارية والبترولية والمدنية والكهربائية والصوتية. فالنتيجة أن المعيار في وحدة العلم وكثرته الاعتبار الخاضع لرؤية تمام المصالح والجهات الدخيلة في التدوين والتصنيف، لا خصوص جهة معينة كالموضوع والمحمول والهدف أو اختلاف ذلك باختلاف الاغراض.
هذا تمام الكلام حول النظرية الخامسة.
وأما النظرية الأولى وهي جعل معيار الوحدة والكثرة في وحدة الموضوع وكثرته فيلاحظ عليها أمران:
1 - إن القائلين بهذه النظرية فسروا العارض الذاتي في تعريف موضوع العلم بذاتي باب البرهان، وبما أنه من الأمور الواقعية البرهانية فلا محالة يختص التعريف بالعلوم البرهانية وهي الحكمة بأقسامها، ومن المعلوم الواضح أن المعارف الحكمية متحدة باتحاد موضوعها لذلك صرح هؤلاء بأن وحدة العلم بوحدة موضوعه نظرا لواقع العلوم البرهانية، بينما على المختار من تفسير العارض الذاتي بما يعرض بلا واسطة جلية لا يختص التعريف بالعلوم البرهانية المتحدة باتحاد موضوعها بل يشمل سائر العلوم المتحدة بالاعتبار الخاضع للمصالح العامة، فلا موجب حينئذ لجعل معيار الوحدة هو الموضوع فقط.
2 - قلنا فيما سبق إن من الجهات الدخيلة في توحيد العلم عدم استغراق دراسته لما يزيد على ثلث عمر الانسان الاعتيادي، وحينئذ فالوحدة بوحدة الموضوع غي كافية لاعتبار وحدة العلم ما لم يضم لها سائر الجهات الدخيلة في ذلك.
وأما النظرية الثانية وهي كون معيار الوحدة والكثرة بالتسانخ الذاتي بين المسائل فيلاحظ عليها أمران:
أ - إن التسانخ كلي مشكك، فهل المراد منه التسانخ الجنسي أم النوعي أم الصنفي؟