ومن المحتمل أن الانسان قبل أن توجد لديه أي لغة قد استرعى انتباهه هذه العلاقات التي قامت بين الألفاظ من قبيل (آه) ومعانيها نتيجة لاقتران تلقائي بينهما، وأخذ ينشئ على منوالها علاقات جديدة بين الألفاظ والمعاني.
وبعض الألفاظ قرنت بالمعنى في عملية واعية مقصودة لكي تقوم بينهما علاقة سببية. وأحسن نموذج لذلك الاعلام الشخصية فأنت حين تريد أن تسمي ابنك عليا تقرن اسم على بالوليد الجديد لكي تنشئ بينها علاقة لغوية ويصبح اسم علي دالا على وليدك. ويسمى عملك هذا " وضعا " فالوضع هو عملية تقرن بها لفظا بمعنى نتيجتها أن يقفز الذهن إلى المعنى عند تصور اللفظ دائما.
ونستطيع أن نشبه الوضع على هذا الأساس بما تصنعه حين تسأل عن طبيب العيون فيقال لك: هو (جابر) فتريد أن تركز اسمه في ذاكرتك وتجعل نفسك تستحضره متى أردت فتحاول أن تقرن بينه وبين شئ قريب من ذهنك فتقول مثلا: أنا بالأمس قرأت كتابا أخذ من نفسي مأخذا كبيرا اسم مؤلفه جابر فلا تذكر دائما أن اسم طبيب العيون هو اسم صاحب ذلك الكتاب. وهكذا توجد عن هذا الطريق ارتباطا خاصا بين صاحب الكتاب والطبيب جابر، وبعد ذلك تصبح قادرا على استذكار اسم الطبيب متى تصورت ذلك الكتاب.
وهذه الطريقة في إيجاد الارتباط لا تختلف جوهريا عن إتخاذ الوضع كوسيلة لايجاد العلاقة اللغوية.
وعلى هذا الأساس نعرف أن من نتائج الوضع انسباق المعنى الموضوع له وتبادره إلى الذهن بمجرد سماع اللفظ بسبب تلك العلاقة التي يحققها الوضع ومن هنا يمكن الاستدلال على الوضع بالتبادر وجعله علامة على أن المعنى المتبادر هو المعنى الموضوع له لان المعلول يكشف عن العلة كشفا إنيا ولهذا