الآخر في ذهن الانسان مرارا عديدة ولو على سبيل الصدفة قامت بينهما علاقة وأصبح أحد التصورين سببا لانتقال الذهن إلى تصور الآخر.
ومثال ذلك في حياتنا الاعتيادية أن نعيش مع صديقين لا يفترقان في مختلف شؤون حياتهما نجدهما دائما معا، فإذا رأينا بعد ذلك أحد هذين الصديقين منفردا أو سمعنا باسمه أسرع ذهننا إلى تصور الصديق الآخر، لان رؤيتهما معا مرارا كثيرا أوجد علاقة في تصورنا وهذه العلاقة تجعل تصورنا لأحدهما سببا لتصور الآخر.
وقد يكفي أن تقترن فكرة أحد الشيئين بفكرة الآخر مرة واحدة لكي تقوم بينهما علاقة، وذلك إذا أقرنت الفكرتان في ظرف مؤثر، ومثاله إذا سافر شخص إلى بلد ومني هناك بالملاريا الشديدة ثم شفي منها ورجع فقد ينتج ذلك الاقتران بين الملاريا والسفر إلى ذلك البلد علاقة بينهما، فمتى تصور ذلك البلد انتقل ذهنه إلى تصور الملاريا. وإذا درسنا على هذا الأساس علاقة السببية بين اللفظ والمعنى زالت المشكلة، إذا نستطيع أن نفسر هذه العلاقة بوصفها نتيجة لاقتران تصور المعنى بتصور اللفظ بصورة متكررة أو في ظرف مؤثر، الامر الذي أدى إلى قيام علاقة بينهما كما وقع في الحالات المشار إليها.
ويبقى علينا بعد هذا أن نتسأل: كيف اقترن تصور اللفظ بمعنى خاص مرارا كثيرة أو في ظرف مؤثر فأنتج قيام العلاقة اللغوية بينهما؟.
والجواب على هذا السؤال: أن بعض الألفاظ اقترنت بمعان معينة مرارا عديدة بصورة تلقائية فنشأت بينهما العلاقة اللغوية. وقد يكون من هذا القبيل كلمة (آه) إذا كانت تخرج من فم الانسان بطبيعته كلما أحس بالألم، فارتبطت كلمة (آه) في ذهنه بفكرة الالم، فأصبح كلما سمع كلمة (آه) انتقل ذهنه إلى فكرة الالم.