من الشك في التكليف لتجري البراءة أو من الشك في المكلف به لتجري أصالة الاشتغال؟
والتمييز في الشبهات الحكمية واضح عادة، لان الشك في الشبهة الحكمية انما يكون عادة في التكليف، واما الشبهات الموضوعية، ففيها من كلا القسمين، ولهذا لا بد من تمييز الشبهة الموضوعية بدقة وتحديد دخولها في هذا القسم أو ذاك.
وقد يقال في بادئ الامر ان الشبهة الموضوعية ليس الشك فيها شكا في التكليف، بل التكليف في الشبهات الموضوعية معلوم دائما فلا تجري البراءة.
والجواب: ان التكليف بمعنى الجعل معلوم في حالات الشبهة الموضوعية، واما التكليف بمعنى المجعول فهو مشكوك في كثير من هذه الحالات، ومتى كان مشكوكا جرت البراءة.
وتوضيح ذلك أن الحكم إذا جعل مقيدا بقيد كان وجود التكليف المجعول وفعليته تابعا لوجود القيد خارجا وفعليته، وحينئذ فالشك يتصور على انحاء:
النحو الأول: ان يشك في أصل وجود القيد، وهذا يعني الشك في فعلية التكليف المجعول فتجري البراءة.
ومثاله: أن يكون وجوب الصلاة مقيدا بالخسوف، فإذا شك في الخسوف شك في فعلية الوجوب فتجري البراءة.
النحو الثاني: ان يعلم بوجود القيد في ضمن فرد ويشك في وجوده ضمن فرد آخر.
ومثاله: أن يكون وجوب اكرام الانسان مقيدا بالعدالة ويعلم بان هذا عادل ويشك في أن ذلك عادل.