هذه الروايات تجعل الحجية لمطلق البلوغ في موارد المستحبات، ومن أجل هذا يعبر عن ذلك بالتسامح في أدلة السنن. والتحقيق ان هذه الروايات فيها بدوا عدة احتمالات:
الأول: أن تكون في مقام جعل الحجية لمطلق البلوغ الثاني: أن تكون في مقام إنشاء استحباب واقعي نفسي على طبق البلوغ، فيكون بلوغ استحباب الفعل عنوانا ثانويا له يستدعي ثبوت استحباب واقعي بهذا العنوان.
الثالث: أن تكون ارشادا إلى حكم العقل بحسن الاحتياط واستحقاق المحتاط للثواب.
الرابع: أن تكون وعدا مولويا لمصلحة في نفس الوعد، ولو كانت هذه المصلحة هي الترغيب في الاحتياط باعتبار حسنه عقلا.
والاستدلال بالروايات على ما ذكر مبني على الاحتمال الأول، وهو غير متعين بل ظاهر لسان الروايات ينفيه لأنها تجعل للعامل الثواب، ولو مع مخالفة الخبر للواقع. فلو كان وضع نفس الثواب تعبيرا عن التعبد بثبوت المؤدي، وحجية البلوغ، لما كان هناك معنى للتصريح بأن نفس الثواب محفوظ حتى مع مخالفة الخبر للواقع. كما أن الاحتمال الثاني لا موجب لاستفادته أيضا الا دعوى أن الثواب على عمل فرع كونه مطلوبا، وهي مدفوعة بأنه يكفي حسن الاحتياط عقلا ملاكا للثواب. فالمتعين هو الاحتمال الثالث، ولكن مع تطعيمه بالاحتمال الرابع، لان الاحتمال الثالث بمفرده لا يفسر إعطاء العامل نفس الثواب الذي بلغه، لان العقل إنما يحكم باستحقاق العامل للثواب لا لشخص ذلك الثواب، فلا بد من الالتزام بأن هذه الخصوصية مردها إلى وعد مولوي.