ويوجد في هذا المجال اتجاهان:
أحدهما للمشهور وهو: ان دليل الحجية كلما استفيد منه جعل الحجية لشئ بوصفه إمارة على الحكم الشرعي كان ذلك كافيا لاثبات لوازمه ومدلولاته الالتزامية. وعلى هذا الأساس وضعوا قاعدة مؤداها ان مثبتات الامارات حجة، اي ان الامارة كما يعتبر اثباتها لمدلولها المطابقي حجة، كذلك اثباتها لمدلولها الالتزامي.
والاتجاه الآخر للسيد الأستاذ حيث ذهب إلى أن مجرد قيام دليل حجية إمارة على أساس ما لها من كشف عن الحكم الشرعي لا يكفي لذلك، إذ من الممكن ثبوتا ان الشارع يتعبد المكلف بالمدلول المطابقي من الامارة فقط، كما يمكنه ان يتعبده بكل ما تكشف عنه مطابقة أو التزاما، وما دام كلا هذين الوجهين ممكنا ثبوتا، فلا بد لتعيين الأخير منهما من وجود اطلاق في دليل الحجية يقتضي امتداد التعبد وسريانه إلى المداليل الالتزامية.
والصحيح هو الاتجاه الأول، وذلك لأننا عرفنا سابقا ان الامارة معناها الدليل الظني الذي يستظهر من دليل حجيته، ان تمام الملاك بحجيته هو كشفه بدون نظر إلى نوع المنكشف، وهذا الاستظهار متى ما تم في دليل الحجية كان كافيا لاثبات الحجية في المدلولات الالتزامية أيضا، لان نسبة كشف الامارة إلى المدلول المطابقي والالتزامي بدرجة واحدة دائما، وما دام الكشف هو تمام الملاك للحجية بحسب الفرض، فيعرف من دليل الحجية ان مثبتات الامارة كلها حجة. وعلى خلاف ذلك الأصول العملية تنزيلية أو غيرها فإنها لما كانت مبنية على ملاحظة نوع المؤدى كما تقدم فلا يمكن ان يستفاد من دليلها اسراء التعبد إلى كل اللوازم الا بعناية خاصة في لسان الدليل، ومن هنا قيل إن الأصول العملية ليست حجة في مثبتاتها اي في مدلولاتها الالتزامية، وسيأتي تفصيل الكلام عن ذلك في أبحاث الأصول العملية ان شاء الله تعالى.