____________________
(1) لا يخفى ان نفس القدرة والاختيار هو من الله تبارك وتعالى فإنه فاعل الوجود، وهذا الاختيار وهو القدرة على أن يشاء فيفعل وان لا يشاء فلا يفعل موجود قبل صدور الفعل في الخارج بالقوة، وعند صدور الفعل في الخارج لابد وأن يكون علته وهي القدرة والاختيار تخرج من حد القوة إلى الفعل، فان العلة ما لم تكن بالفعل لا يكون الفعل الذي هو معلول القدرة والاختيار بالفعل، وخروج هذه القدرة من حد القوة إلى الفعل يكون العلة فيها - ولو بنحو العلة الاعدادية - هو الملائمة للنفس، فإن كان الشخص من أهل التقوى يكون من ملائماته فعل الخير والإطاعة، وان كان من ذوي الشقاء تكون ملائماته الشر والكفر والعصيان، ففي مقام فعلية القدرة والاختيار لترجيح أحد طرفي الفعل من الوجود والعدم تتدخل الشقاوة والسعادة، فان ملائم السعيد الخير وملائم الشقي الشر، وقد عرفت انه لا يضر ان يتقدم على الاختيار أمور غير اختيارية فلا تضر في صدور الفعل الاختياري بالاختيار. هذا هو مراده من قوله: ((قلت العقاب انما يتبع الكفر والعصيان)) لصدورهما عن المكلف بالاختيار فإنهما من ((التابعين للاختيار)) لأن العلة في صدورهما هو الاختيار، فهما تابعان له وموصوفان بأنهما من الأفعال الاختيارية الصادرة بالاختيار، وان كان نفس الاختيار بالفعل لجهة الشر من الكفر والعصيان ينشأ عن مقدمات تقتضي ترجيح الشر وهي كونه ملائما له، والسبب في هذه الملائمة - ولو بنحو الاعداد أيضا - هو نفس شقاوته التي هي من ذاتيات الشخص وملازمات ذاته اللازمة لخصوص ذاته، وكذلك السعيد فإنه يفعل الفعل بالاختيار لملائمة الخير لذاته التي سببها هو سعادة ذاته.