بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
فانقطع سؤال: إنه لم جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا؟ فإن السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك، وإنما أوجدهما الله تعالى، قلم اينجا رسيد سر بشكست... قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربما لا يسعه كثير من الافهام، ومن الله الرشد والهداية وبه الاعتصام (1).
____________________
(1) لا يخفى ان نفس القدرة والاختيار هو من الله تبارك وتعالى فإنه فاعل الوجود، وهذا الاختيار وهو القدرة على أن يشاء فيفعل وان لا يشاء فلا يفعل موجود قبل صدور الفعل في الخارج بالقوة، وعند صدور الفعل في الخارج لابد وأن يكون علته وهي القدرة والاختيار تخرج من حد القوة إلى الفعل، فان العلة ما لم تكن بالفعل لا يكون الفعل الذي هو معلول القدرة والاختيار بالفعل، وخروج هذه القدرة من حد القوة إلى الفعل يكون العلة فيها - ولو بنحو العلة الاعدادية - هو الملائمة للنفس، فإن كان الشخص من أهل التقوى يكون من ملائماته فعل الخير والإطاعة، وان كان من ذوي الشقاء تكون ملائماته الشر والكفر والعصيان، ففي مقام فعلية القدرة والاختيار لترجيح أحد طرفي الفعل من الوجود والعدم تتدخل الشقاوة والسعادة، فان ملائم السعيد الخير وملائم الشقي الشر، وقد عرفت انه لا يضر ان يتقدم على الاختيار أمور غير اختيارية فلا تضر في صدور الفعل الاختياري بالاختيار. هذا هو مراده من قوله: ((قلت العقاب انما يتبع الكفر والعصيان)) لصدورهما عن المكلف بالاختيار فإنهما من ((التابعين للاختيار)) لأن العلة في صدورهما هو الاختيار، فهما تابعان له وموصوفان بأنهما من الأفعال الاختيارية الصادرة بالاختيار، وان كان نفس الاختيار بالفعل لجهة الشر من الكفر والعصيان ينشأ عن مقدمات تقتضي ترجيح الشر وهي كونه ملائما له، والسبب في هذه الملائمة - ولو بنحو الاعداد أيضا - هو نفس شقاوته التي هي من ذاتيات الشخص وملازمات ذاته اللازمة لخصوص ذاته، وكذلك السعيد فإنه يفعل الفعل بالاختيار لملائمة الخير لذاته التي سببها هو سعادة ذاته.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 346 347 348 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 موضوع العلم 1
2 تمايز العلوم 11
3 موضوع علم الأصول 14
4 تعريف علم الأصول 22
5 في الوضع 24
6 أقسام الوضع 26
7 تحقيق المعنى الحرفي 29
8 الخبر والانشاء 36
9 أسماء الإشارة 38
10 في كيفية المجاز 40
11 استعمال اللفظ في اللفظ 41
12 الدلالة هل تتبع الإرادة أم لا؟ 48
13 هل للمركبات وضع مستقل؟ 54
14 علامات الحقيقة والمجاز 56
15 التبادر 57
16 صحة السلب 59
17 الاطراد وعدمه 63
18 تعارض الأحوال 65
19 ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه 68
20 في الصحيح والأعم 81
21 وضع ألفاظ العبادات 105
22 في الاشتراك 143
23 استعمال اللفظ في أكثر من معنى 149
24 في المشتق 163
25 اسم الزمان 175
26 الافعال والمصادر 178
27 دلالة الفعل على الزمان 179
28 امتياز الحرف عن الامر والفعل 188
29 اختلاف مبادئ المشتقات 193
30 المراد بالحال 196
31 تأسيس الأصل 204
32 الخلاف في المشتق 207
33 تبادر التلبس 209
34 صحة السلب عن المنقضي 210
35 المضاد دليل الاشتراط 211
36 اشكال على صحة السلب 222
37 أدلة كون المشتق حقيقة في المنقضي 227
38 مفهوم المشتق 242
39 الفرق بين المشتق والمبدأ 268
40 دفع اشتباه الفصول 274
41 كيفية جري الصفات على الله تعالى 278
42 كيفية قيام المبادئ بالذات 280
43 معاني لفظ الامر 295
44 اعتبار العلو في الامر 302
45 إفادة الامر الوجوب 305
46 الطلب والإرادة 314
47 معاني صيغة الامر 351
48 في أن الصيغة حقيقة في أي معنى 358
49 الجمل الخبرية المستعملة في الطلب 363
50 دلالة صيغة الامر على الوجوب 369
51 في التعبدي والتوصلي 373
52 مقتضى اطلاق الصيغة 406
53 الامر عقيب الحظر 409
54 في المرة والتكرار 414
55 المراد بالمرة والتكرار 423
56 فيما يحصل به الامتثال 429
57 في الفور والتراخي 435
58 الاتيان فورا ففورا 441
59 في الاجزاء 443