والبعث فعلا قبل حصوله، فلا يصح منه إلا الطلب والبعث معلقا بحصوله، لا مطلقا ولو متعلقا بذاك على التقدير، فيصح منه طلب الاكرام بعد مجئ زيد، ولا يصح منه الطلب المطلق الحالي للاكرام المقيد بالمجئ، هذا بناء على تبعية الاحكام لمصالح فيها في غاية الوضوح.
وأما بناء على تبعيتها للمصالح والمفاسد في المأمور به، والمنهي عنه فكذلك، ضرورة أن التبعية كذلك، إنما تكون في الأحكام الواقعية بما هي واقعية، لا بما هي فعلية، فإن المنع عن فعلية تلك الأحكام غير عزيز، كما في موارد الأصول والامارات على خلافها، وفي بعض الاحكام في أول البعثة، بل إلى يوم قيام القائم عجل الله فرجه، مع أن حلال محمد (صلى الله عليه وآله) حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، ومع ذلك ربما يكون المانع عن فعلية بعض الاحكام باقيا مر الليالي والأيام، إلى أن تطلع شمس الهداية ويرتفع (1) الظلام، كما يظهر من الاخبار المروية (2) عن الأئمة (عليهم السلام).
فان قلت: فما فائدة الانشاء؟ إذا لم يكن المنشأ به طلبا فعليا، وبعثا حاليا.
قلت: كفى فائدة له أنه يصير بعثا فعليا بعد حصول الشرط، بلا حاجة إلى خطاب آخر، بحيث لولاه لما كان فعلا متمكنا من الخطاب، هذا مع شمول الخطاب كذلك للإيجاب فعلا بالنسبة إلى الواجد للشرط، فيكون بعثا فعليا بالإضافة إليه، وتقديريا بالنسبة إلى الفاقد له، فافهم وتأمل جيدا.