الفصول (1)، من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عما هي عليها من المعنى، كما لا يخفى، كيف؟ ولو كانت بغير معانيها العامة جارية عليه تعالى كانت صرف لقلقة اللسان وألفاظ بلا معنى، فإن غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم ولا معلوم إلا بما يقابلها، ففي مثل ما إذا قلنا: إنه تعالى عالم، إما أن نعني أنه من ينكشف لديه الشئ فهو ذاك المعنى العام، أو أنه مصداق لما يقابل ذاك المعنى، فتعالى عن ذلك علوا كبيرا، وإما أن لا نعني شيئا، فتكون كما قلناه من كونها صرف اللقلقة، وكونها بلا معنى، كما لا يخفى.
والعجب أنه جعل ذلك علة لعدم صدقها في حق غيره، وهو كما ترى، وبالتأمل فيما ذكرنا، ظهر الخلل فيما استدل من الجانبين والمحاكمة بين الطرفين، فتأمل.
السادس: الظاهر أنه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات حقيقة، التلبس بالمبدأ حقيقة وبلا واسطة في العروض، كما في الماء الجاري، بل يكفي التلبس به ولو مجازا، ومع هذه الواسطة، كما في الميزاب الجاري، فاسناد الجريان إلى الميزاب، وإن كان إسنادا إلى غير ما هو له وبالمجاز، إلا أنه في الاسناد، لا في الكلمة، فالمشتق في مثل المثال، بما هو مشتق قد استعمل في معناه الحقيقي، وإن كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالاسناد المجازي، ولا منافاة بينهما أصلا، كما لا يخفى، ولكن ظاهر الفصول (2) بل صريحه، اعتبار الاسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة، وكأنه من باب الخلط بين المجاز في الاسناد والمجاز في الكلمة، وهذا - هاهنا - محل الكلام بين الاعلام، والحمد لله، وهو خير ختام.