بحجة، فيكون مخصصا لما دل على عدم جواز اتباع غير العلم والذم على التقليد، من الآيات والروايات.
قال الله تبارك وتعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (١) وقوله تعالى:
﴿إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون﴾ (2) مع احتمال أن الذم إنما كان على تقليدهم للجاهل، أو في الأصول الاعتقادية التي لابد فيها من اليقين، وأما قياس المسائل الفرعية على الأصول الاعتقادية، في أنه كما لا يجوز التقليد فيها مع الغموض فيها كذلك لا يجوز فيها بالطريق الأولى لسهولتها، فباطل، مع أنه مع الفارق، ضرورة أن الأصول الاعتقادية مسائل معدودة، بخلافها فإنه مما لا تعد ولا تحصى، ولا يكاد يتيسر من الاجتهاد فيها فعلا طول العمر إلا للأوحدي في كلياتها، كما لا يخفى.
فصل إذا علم المقلد اختلاف الاحياء في الفتوى مع اختلافهم في العلم والفقاهة، فلا بد من الرجوع إلى الأفضل إذا احتمل تعينه، للقطع بحجيته والشك في حجية غيره، ولا وجه لرجوعه إلى الغير في تقليده، إلا على نحو دائر.
نعم لا بأس برجوعه إليه إذا استقل عقله بالتساوي، وجواز الرجوع إليه أيضا، أو جوز له الأفضل بعد رجوعه إليه، هذا حال العاجز عن الاجتهاد في تعيين ما هو قضية الأدلة في هذه المسألة.
وأما غيره، فقد اختلفوا في جواز تقليد (3) المفضول وعدم جوازه، ذهب بعضهم إلى الجواز، والمعروف بين الأصحاب - على ما قيل - عدمه وهو الأقوى،