عقلا في صحة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف عليه، وحسبان أهله أنها غير باقية وإنما تعاد يوم القيامة بعد انعدامها، فتأمل جيدا.
لا يقال: نعم، الاعتقاد والرأي وإن كان يزول بالموت لانعدام موضوعه، إلا أن حدوثه في حال حياته كاف في جواز تقليده في حال موته، كما هو الحال في الرواية.
فإنه يقال: لا شبهة في أنه لا بد في جوازه من بقاء الرأي والاعتقاد، ولذا لو زال بجنون أو تبدل ونحوهما لما جاز قطعا، كما أشير إليه آنفا. هذا بالنسبة إلى التقليد الابتدائي.
وأما الاستمراري، فربما يقال بأنه قضية استصحاب الاحكام التي قلده فيها، فإن رأيه وإن كان مناطا لعروضها وحدوثها، إلا أنه عرفا من أسباب العروض لا من مقومات الموضوع والمعروض، ولكنه لا يخفى أنه لا يقين بالحكم شرعا سابقا، فإن جواز التقليد إن كان بحكم العقل وقضية الفطرة كما عرفت فواضح، فإنه لا يقتضي أزيد من تنجز ما أصابه من التكليف والعذر فيما أخطأ، وهو واضح. وإن كان بالنقل فكذلك، على ما هو التحقيق من أن قضية الحجية شرعا ليس إلا ذلك، لانشاء أحكام شرعية على طبق مؤداها، فلا مجال لاستصحاب ما قلده، لعدم القطع به سابقا، إلا على ما تكلفنا في بعض تنبيهات الاستصحاب (1)، فراجع، ولا دليل على حجية رأيه السابق في اللاحق.
وأما بناء على ما هو المعروف بينهم، من كون قضية الحجية الشرعية جعل مثل ما أدت إليه من الأحكام الواقعية التكليفية أو الوضعية شرعا في الظاهر، فلاستصحاب ما قلده من الاحكام وإن كان مجال، بدعوى بقاء الموضوع عرفا، لاجل كون الرأي عند أهل العرف من أسباب العروض لا من مقومات المعروض، إلا أن الانصاف عدم كون الدعوى خالية عن الجزاف، فإنه من المحتمل - لولا