كالطهارة والنجاسة، وشك في ثبوتهما وانتفائهما، للشك في المقدم والمؤخر منهما، وذلك لعدم إحراز الحالة السابقة المتيقنة المتصلة بزمان الشك في ثبوتهما، وترددها بين الحالتين، وأنه ليس من تعارض الاستصحابين، فافهم وتأمل في المقام فإنه دقيق.
الثاني عشر: إنه قد عرفت (1) أن مورد الاستصحاب لابد أن يكون حكما شرعيا أو موضوعا لحكم كذلك، فلا إشكال فيما كان المستصحب من الأحكام الفرعية ، أو الموضوعات الصرفة الخارجية، أو اللغوية إذا كانت ذات احكام شرعية.
وأما الأمور الاعتقادية التي كان المهم فيها شرعا هو الانقياد والتسليم والاعتقاد بمعنى عقد القلب عليها من الاعمال القلبية الاختيارية، فكذا لا إشكال في الاستصحاب فيها حكما وكذا موضوعا، فيما كان هناك يقين سابق وشك لاحق، لصحة التنزيل وعموم الدليل، وكونه أصلا عمليا إنما هو بمعنى أنه وظيفة الشك تعبدا، قبالا للامارات الحاكية عن الواقعيات، فيعم العمل بالجوانح كالجوارح، وأما التي كان المهم فيها شرعا وعقلا هو القطع بها ومعرفتها، فلا مجال له موضوعا ويجري حكما، فلو كان متيقنا بوجوب تحصيل القطع بشئ - كتفاصيل القيامة - في زمان وشك في بقاء وجوبه، يستصحب.
وأما لو شك في حياة إمام زمان مثلا فلا يستصحب، لاجل ترتيب لزوم معرفة إمام زمانه، بل يجب تحصيل اليقين بموته أو حياته مع امكانه، ولا يكاد يجدي في مثل وجوب المعرفة عقلا أو شرعا، إلا إذا كان حجة من باب إفادته الظن وكان المورد مما يكتفى به أيضا، فالاعتقاديات كسائر الموضوعات لابد في جريانه فيها من أن يكون في المورد أثر شرعي، يتمكن من موافقته مع بقاء الشك فيه، كان ذاك متعلقا بعمل الجوارح أو الجوانح.