ومنه ظهر أنه لا مجال لتوهم (1) أن قضية الاجتناب عن المعلوم هو الاجتناب عنه أيضا، ضرورة أن العلم به إنما يوجب تنجز الاجتناب عنه، لا تنجز الاجتناب عن فرد آخر لم يعلم حدوثه وإن احتمل.
وأخرى يجب الاجتناب عما لاقاه دونه، فيما لو علم إجمالا نجاسته أو نجاسة شئ آخر ثم حدث (العلم ب) (2) الملاقاة والعلم بنجاسة الملاقي أو ذاك الشئ أيضا، فإن حال (3) الملاقي في هذه الصورة بعينها حال ما لاقاه في الصورة السابقة في عدم كونه طرفا للعلم الاجمالي، وأنه فرد آخر على تقدير نجاسته واقعا غير معلوم النجاسة أصلا، لا إجمالا ولا تفصيلا، وكذا لو علم بالملاقاة ثم حدث العلم الاجمالي، ولكن كان الملاقي خارجا عن محل الابتلاء في حال حدوثه وصار مبتلى به بعده.
وثالثة يجب الاجتناب عنهما، فيما لو حصل العلم الاجمالي بعد العلم بالملاقاة، ضرورة أنه حينئذ نعلم إجمالا: إما بنجاسة الملاقي والملاقى أو بنجاسة الآخر كما لا يخفى، فيتنجز التكليف بالاجتناب عن النجس في البين، وهو الواحد أو الاثنان (4).
المقام الثاني: (في دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين).
والحق أن العلم الاجمالي بثبوت التكليف بينهما - أيضا - يوجب الاحتياط عقلا بإتيان الأكثر، لتنجزه به حيث تعلق بثبوته فعلا.