الشئ مسبوقا بالترك، وإلا لوجب الاجتناب عنها عقلا لتحصيل الفراغ قطعا، فكما يجب فيما علم وجوب شئ إحراز إتيانه إطاعة لامره، فكذلك يجب فيما علم حرمته إحراز تركه وعدم إتيانه امتثالا لنهيه.
غاية الامر كما يحرز وجود الواجب بالأصل، كذلك يحرز ترك الحرام به، والفرد المشتبه وإن كان مقتضى أصالة البراءة جواز الاقتحام فيه، إلا أن قضية لزوم إحراز الترك اللازم وجوب التحرز عنه، ولا يكاد يحرز إلا بترك المشتبه أيضا، فتفطن.
الرابع: إنه قد عرفت حسن الاحتياط عقلا ونقلا، ولا يخفى أنه مطلقا كذلك، حتى فيما كان هناك حجة على عدم الوجوب أو الحرمة، أو أمارة معتبرة على أنه ليس فردا للواجب أو الحرام، ما لم يخل بالنظام فعلا، فالاحتياط قبل ذلك مطلقا يقع حسنا، كان في الأمور المهمة كالدماء والفروج أو غيرها، وكان احتمال التكليف قويا أو ضعيفا، كانت الحجة على خلافه أو لا، كما أن الاحتياط الموجب لذلك لا يكون حسنا كذلك، وإن كان الراجح لمن التفت إلى ذلك من أول الامر ترجيح بعض الاحتياطات احتمالا أو محتملا، فافهم.