اللهم إلا أن يقال: إن في دلالتهما على الاستيعاب كفاية ودلالة على أن المراد من المتعلق هو المطلق، كما ربما يدعى ذلك في مثل (كل رجل)، وإن مثل لفظة (كل) تدل على استيعاب جميع أفراد الرجل من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله وقرينة الحكمة، بل يكفي إرادة ما هو معناه من الطبيعة المهملة ولا بشرط في دلالته على الاستيعاب وإن كان لا يلزم مجاز أصلا، لو أريد منه خاص بالقرينة، لا فيه لدلالته على استيعاب أفراد ما يراد من المدخول، ولا فيه إذا كان بنحو تعدد الدال والمدلول، لعدم استعماله إلا فيما وضع له، والخصوصية مستفادة من دال آخر، فتدبر.
ومنها: إن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.
وقد أورد عليه في القوانين (1)، بأنه مطلقا ممنوع، لان في ترك الواجب أيضا مفسدة إذا تعين.
ولا يخفى ما فيه، فإن الواجب ولو كان معينا، ليس إلا لاجل أن في فعله مصلحة يلزم استيفاؤها من دون أن يكون في تركه مفسدة، كما أن الحرام ليس إلا لاجل المفسدة في فعله بلا مصلحة في تركه.
ولكن يرد عليه أن الأولوية مطلقا ممنوعة، بل ربما يكون العكس أولى، كما يشهد به مقايسة فعل بعض المحرمات مع ترك بعض الواجبات، خصوصا مثل الصلاة وما يتلو تلوها.
ولو سلم فهو أجنبي عن المقام (2)، فإنه فيما إذا دار بين الواجب والحرام.