وهل يعتبر في وقوعها على صفة الوجوب أن يكون الاتيان بها بداعي التوصل بها إلى ذي المقدمة؟ كما يظهر مما نسبه إلى شيخنا العلامة - أعلى الله مقامه - بعض أفاضل (1) مقرري بحثه، أو ترتب ذي المقدمة عليها؟ بحيث لو لم يترتب عليها لكشف (2) عن عدم وقوعها على صفة الوجوب، كما زعمه صاحب الفصول (3) (قدس سره) أو لا يعتبر في وقوعها كذلك شئ منهما.
الظاهر عدم الاعتبار: أما عدم اعتبار قصد التوصل، فلأجل أن الوجوب لم يكن بحكم العقل إلا لاجل المقدمية والتوقف، وعدم دخل قصد التوصل فيه واضح، ولذا اعترف (4) بالاجتزاء بما لم يقصد به ذلك في غير المقدمات العبادية، لحصول ذات الواجب، فيكون تخصيص الوجوب بخصوص ما قصد به التوصل من المقدمة بلا مخصص، فافهم.
نعم انما اعتبر ذلك في الامتثال، لما عرفت (5) من انه لا يكاد يكون الآتي بها بدونه ممتثلا لأمرها، وآخذا في امتثال الامر بذيها، فيثاب بثواب أشق الاعمال، فيقع الفعل المقدمي على صفة الوجوب، ولو لم يقصد به التوصل، كسائر الواجبات التوصلية، لا على حكمه السابق الثابت له، لولا عروض صفة توقف الواجب الفعلي المنجز عليه، فيقع الدخول في ملك الغير واجبا إذا كان مقدمة لانقاذ غريق أو إطفاء حريق واجب فعلي لا حراما، وإن لم يلتفت إلى التوقف والمقدمية، غاية الامر يكون حينئذ متجرئا فيه، كما أنه مع الالتفات يتجرأ بالنسبة إلى ذي المقدمة، فيما لم يقصد التوصل إليه أصلا.