إشكال ودفع:
أما الأول: فهو أنه إذا كان الامر الغيري بما هو لا إطاعة له، ولا قرب في موافقته، ولا مثوبة على امتثاله، فكيف حال بعض المقدمات؟
كالطهارات، حيث لا شبهة في حصول الإطاعة والقرب والمثوبة بموافقة أمرها، هذا مضافا إلى أن الامر الغيري لا شبهة في كونه توصليا، وقد اعتبر في صحتها إتيانها بقصد القربة.
وأما الثاني: فالتحقيق أن يقال: إن المقدمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة، وغاياتها إنما تكون متوقفة على إحدى هذه العبادات، فلا بد أن يؤتى بها عبادة، وإلا فلم يؤت بما هو مقدمة لها، فقصد القربة فيها إنما هو لاجل كونها في نفسها أمورا عبادية ومستحبات نفيسة، لا لكونها مطلوبات غيرية والاكتفاء بقصد أمرها الغيري، فإنما هو لاجل أنه يدعو إلى ما هو كذلك في نفسه حيث أنه لا يدعو إلا إلى ما هو المقدمة، فافهم.
وقد تفصي عن الاشكال بوجهين آخرين (1):
أحدهما ما ملخصه: إن الحركات الخاصة ربما لا تكون محصلة لما هو المقصود منها، من العنوان الذي يكون بذاك العنوان مقدمة وموقوفا عليها، فلا بد في إتيانها بذاك العنوان من قصد أمرها، لكونه لا يدعو إلا إلى ما هو الموقوف عليه، فيكون عنوانا إجماليا ومرآة لها، فإتيان الطهارات عبادة وإطاعة لأمرها ليس لاجل أن أمرها المقدمي يقضي بالاتيان كذلك، بل إنما كان لاجل إحراز نفس العنوان، الذي يكون بذاك العنوان موقوفا عليها.
وفيه: مضافا إلى أن ذلك لا يقتضي الاتيان بها كذلك، لا مكان الإشارة إلى عناوينها التي تكون بتلك العناوين موقوفا عليها بنحو آخر، ولو