المذكور، بعد كون مفادها الافراد التي لا يعقل فيها التقييد، نعم لو كان مفاد الامر هو مفهوم الطلب، صح القول بالاطلاق، لكنه بمراحل من الواقع، إذ لا شك في اتصاف الفعل بالمطلوبية بالطلب المستفاد من الامر، ولا يعقل اتصاف المطلوب بالمطلوبية بواسطة مفهوم الطلب، فإن الفعل يصير مرادا بواسطة تعلق واقع الإرادة وحقيقتها، لا بواسطة مفهومها، وذلك واضح لا يعتريه ريب.
ففيه: إن مفاد الهيئة - كما مرت الإشارة إليه - ليس الافراد، بل هو مفهوم الطلب، كما عرفت تحقيقه في وضع الحروف (1)، ولا يكاد يكون فرد الطلب الحقيقي، والذي يكون بالحمل الشائع طلبا، وإلا لما صح إنشاؤه بها، ضرورة أنه من الصفات الخارجية الناشئة من الأسباب الخاصة.
نعم ربما يكون هو السبب لانشائه، كما يكون غيره أحيانا.
واتصاف الفعل بالمطلوبية الواقعية والإرادة الحقيقية - الداعية إلى إيقاع طلبه، وإنشاء إرادته بعثا نحو مطلوبه الحقيقي وتحريكا إلى مراده الواقعي - لا ينافي اتصافه بالطلب الانشائي أيضا، والوجود الانشائي لكل شئ ليس إلا قصد حصول مفهومه بلفظه، كان هناك طلب حقيقي أو لم يكن، بل كان إنشاؤه بسبب آخر.
ولعل منشأ الخلط والاشتباه تعارف التعبير عن مفاد الصيغة بالطلب المطلق، فتوهم منه أن مفاد الصيغة يكون طلبا حقيقيا، يصدق عليه الطلب بالحمل الشائع، ولعمري إنه من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق، فالطلب الحقيقي إذا لم يكن قابلا للتقييد لا يقتضي أن لا يكون مفاد الهيئة قابلا له، وإن تعارف تسميته بالطلب أيضا، وعدم تقييده بالانشائي لوضوح إرادة