فإن قلت: نعم وإن كان وجودها محبوبا لزوما، إلا أنه حيث كانت من الخواص المترتبة على الأفعال التي ليست داخلة تحت قدرة المكلف، لما كاد يتعلق بها الايجاب.
قلت: بل هي داخلة تحت القدرة، لدخول أسبابها تحتها، والقدرة على السبب قدرة على المسبب، وهو واضح، وإلا لما صح وقوع مثل التطهير والتمليك والتزويج والطلاق والعتاق.. إلى غير ذلك من المسببات، موردا لحكم من الأحكام التكليفية.
فالأولى أن يقال: إن الأثر المترتب عليه وإن كان لازما، إلا أن ذا الأثر لما كان معنونا بعنوان حسن يستقل العقل بمدح فاعله، بل ويذم تاركه، صار متعلقا للإيجاب بما هو كذلك، ولا ينافيه كونه مقدمة لامر مطلوب واقعا، بخلاف الواجب الغيري، لتمحض وجوبه في أنه لكونه مقدمة لواجب نفسي، وهذا أيضا لا ينافي أن يكون معنونا بعنوان حسن في نفسه، إلا أنه لا دخل له في إيجابه الغيري، ولعله مراد من فسرهما بما أمر به لنفسه، وما أمر به لاجل غيره، فلا يتوجه عليه بأن جل الواجبات - لولا الكل - يلزم أن يكون من الواجبات الغيرية، فإن المطلوب النفسي قلما يوجد في الأوامر، فإن جلها مطلوبات لاجل الغايات التي هي خارجة عن حقيقتها، فتأمل.
ثم إنه لا إشكال فيما إذا علم بأحد القسمين، وأما إذا شك في واجب أنه نفسي أو غيري، فالتحقيق أن الهيئة، وإن كانت موضوعة لما يعمهما، إلا أن إطلاقها يقتضي كونه نفسيا، فإنه لو كان شرطا لغيره لوجب التنبيه عليه على المتكلم الحكيم.
وأما ما قيل (1) من أنه لا وجه للاستناد إلى إطلاق الهيئة، لدفع الشك