تعتق رقبة كافرة) فلا إشكال في التقييد، وإن كانا متوافقين، فالمشهور فيهما الحمل والتقييد، وقد استدل بأنه جمع بين الدليلين وهو أولى.
وقد أورد عليه بإمكان الجمع على وجه آخر، مثل حمل الامر في المقيد على الاستحباب.
وأورد عليه بأن التقييد ليس تصرفا في معنى اللفظ، وإنما هو تصرف في وجه من وجوه المعنى، اقتضاه تجرده عن القيد، مع تخيل وروده في مقام بيان تمام المراد، وبعد الاطلاع على ما يصلح للتقييد نعلم وجوده على وجه الاجمال، فلا إطلاق فيه حتى يستلزم تصرفا، فلا يعارض ذلك بالتصرف في المقيد، بحمل أمره على الاستحباب.
وأنت (1) خبير بأن التقييد أيضا يكون تصرفا في المطلق، لما عرفت من أن الظفر بالمقيد لا يكون كاشفا عن عدم ورود المطلق في مقام البيان، بل عن عدم كون الاطلاق الذي هو ظاهره بمعونة الحكمة، بمراد جدي، غاية الامر أن التصرف فيه بذلك لا يوجب التجوز فيه، مع أن حمل الامر في المقيد على الاستحباب لا يوجب تجوزا فيه، فإنه في الحقيقة مستعمل في الايجاب، فإن المقيد إذا كان فيه ملاك الاستحباب، كان من أفضل أفراد الواجب، لا مستحبا فعلا، ضرورة أن ملاكه لا يقتضي استحبابه إذا اجتمع مع ما يقتضي وجوبه.
نعم، فيما إذا كان إحراز كون المطلق في مقام البيان بالأصل، كان من التوفيق بينهما، حمله على أنه سيق في مقام الاهمال على خلاف مقتضى الأصل، فافهم. ولعل وجه التقييد كون ظهور إطلاق الصيغة في الايجاب التعييني أقوى من ظهور المطلق في الاطلاق.