الأفراد، ولا ريب في أن الطبيعة التي وقعت أداء هي التي وقعت قضاء، فإذا أتى بها المكلف أداء ولم يسقط به القضاء فقد وجب الإتيان بها بعدما حصلت وهو تحصيل الحاصل، إذ ليس الواجب إلا تحصيل الطبيعة في الجملة.
واعترض: بأنه قريب من الهذيان إذ ذلك يستلزم أن يكون الإتيان بجميع الأنواع المندرجة تحت جنس بعد الإتيان بواحد منها تحصيلا للحاصل.
وأنت خبير: بأن المقصود في محل المسألة ليس تعلق الأمر بمثل الفعل الأول فإنه لا يعقل وجه للمنع منه ولا إطلاق القضاء عليه - كما مرت الإشارة إليه - وإلا لزم أن يكون تكرار العبادات بحسب الأوامر المتعلقة بها تحصيلا للحاصل وأن يكون الإتيان بها ثانيا قضاء وهو خلاف الضرورة، بل الغرض أن الأمر المتعلق بالطبيعة لو لم يقتض الاجزاء لأمكن بقاء التكليف بعين ما تعلق به الأول بعد حصوله وهو تحصيل للحاصل. وكذا لو تعلق الأمر المفروض بالفرد المخصوص من حيث خصوصيته فلا يمكن التكليف به بعينه بعد حصوله. وذلك غير الأمر المتعلق بفرد آخر من أفراد الطبيعة، لوضوح أنه واجب آخر مغائر للأول، إذ لا فرق في مغايرته للأول بين اختلاف الطبيعة واختلاف الخصوصية، فليس الأمر المتعلق بالفرد الثاني إلا كالأمر المتعلق بطبيعة أخرى مباينة للأولى في الحقيقة.
فلا يعقل حينئذ أن يكون الثاني قضاء للأول، لتفرعه على فوات الأداء، وإلا فليس إطلاق القضاء على الفعل الثاني إلا كإطلاقه على صيام ما عدا اليوم الأول من أيام شهر الصيام أو صلاة سائر الأيام، إذ المفروض هنا أيضا أن الفعل الثاني واجب آخر يثبت بأمر آخر ووقع في وقته المقرر، فليس الحال فيه إلا كالأول، فإطلاق القضاء عليه إذن ضروري البطلان.
إذا عرفت ذلك فلا حاجة في الاستدلال إلى التمسك بحصول المصلحة المقصودة، فقد يمنع ابتناء الأوامر الشرعية على المصالح الذاتية على بعض الوجوه والأقوال، أو يمنع اعتبار استدراكها في صدق القضاء. بل لا يبتني الاستدلال على صدق القضاء وعدمه ليكون الكلام راجعا إلى تشخيص معنى