الخلاف في المرة والتكرار ولا في تبعية القضاء للأداء وعدمها. وهو من غرائب الكلام إذ الخلاف في ذلك أشد غرابة من الأول، لما عرفت من أن تعلق الأمر بمثل الأول ليس من المسألة، بل الكلام في جواز استدراكه ثانيا وعدمه. وإنما يستبعد الخلاف فيه لقيام الضرورة على امتناع تحصيل الحاصل، فكيف يعقل القول بدلالة الأمر عليه، بل وكذا القول بلزوم الإعادة في خارج الوقت ولو لغير جهة الاستدراك بعد فرض الإتيان بالمأمور به على وجهه: من مرة، أو تكرار، أو غير ذلك.
ثم لو فرضنا وقوع الخلاف في دلالته على ذلك فكيف يعقل اجتماع القول به مع القول بعدم تبعية القضاء للأداء، إذ الأمر لو لم يقتض التكليف بالقضاء مع الإخلال بالمأمور به في الوقت فكيف يعقل اقتضاؤه له مع الإتيان به على وجهه، ثم كيف يجتمع القول بذلك مع القول بدلالته على المرة أو على طلب الطبيعة الحاصلة في ضمن الفرد.
نعم ما ذكر في الوجه الأول لا يبتنى على الخلاف المذكور في شئ من المسألتين كما لا يخفى، ثم ليس في كلام الفريقين ما يشير إلى إرادة المعنى المذكور، بل كلماتهم في عنوان المسألة وأدلتها صريحة في خلافه فلا تغفل.
الثالث: أن الأمر المتعلق بالعمل بالطرق الشرعية المقررة لمعرفة الأحكام أو الموضوعات الخارجية هل يقتضي الاجزاء عند الإتيان بالواجبات والمستحبات الشرعية على ما يقتضيه تلك الطرق وإن اتفق مخالفتها للواقع إلا أن يقوم دليل على خلافه أو لا يقتضي ذلك إلا مع قيام دليل آخر عليه؟ فالأصل دوران الأمر في ذلك مدار إصابة الواقع وعدمها. فإن اتفق مصادفتها للواقع حصل الاجتزاء به وإلا فلا، إلا أنه يجوز الاكتفاء به من حيث الحكم عليه في الظاهر بأنه هو الواقع ما لم ينكشف الخلاف، فإذا تبين ذلك انكشف فساد العمل وبقاء الواقع على حاله فيجب الإتيان به في الوقت، والقضاء في خارجه لتحقق الفوات فيه. فمحصله أن الأمر الظاهري هل يقتضي الاجزاء عند مخالفة الحكم الواقعي أم لا؟