وعدمها: فالمعروف بينهم دلالته على ذلك ذهب إليه أصحابنا وأكثر العامة وعزاه الآمدي إلى أصحابه الأشاعرة والفقهاء وأكثر المعتزلة، وعن أبي هاشم والقاضي عبد الجبار ومن تبعه المنع من ذلك.
ثم اختلف المثبتون فالأكثر على دلالته عليه لغة، وعن السيدين دلالته على ذلك شرعا لا لغة. ويجري في جميع العبادات سواء كانت واجبة أو مندوبة بل في كل ما تعلق الطلب به في الشرع وإن لم يكن من العبادة بالمعنى الأخص، وكذا في الأوامر الصادرة من الموالي للعبيد وكل مطاع ومطيع، إذ الدلالة اللغوية لا يفرق فيها بين المقامات.
ثم إنهم ذكروا أنه ليس المراد بالإجزاء في المقام إفادة الامتثال للقطع بحصوله بموافقة المأمور به على حسبه والاتفاق عليه، بل المراد اسقاط القضاء، ومنهم من عبر بسقوطه. والأول أقرب إلى لفظ الاجزاء بل هو المتعين، إذ قد يسقط القضاء بأمور اخر - كالموت، والجنون، والإسلام، وغيرها - إلا أن يقيد سقوطه بفعل المأمور به. وذلك أحد المعنيين المذكورين للفظ الصحة في العبادات، كما أن موافقة الأمر معناه الآخر - كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى - فالكلام في أن المعنى الثاني هل يقتضي الأول أو لا؟
والصواب: التعبير عنه بإسقاط التعبد به ثانيا، لشموله لما لا قضاء له بأصل الشرع - كالجمعة والعيدين وغيرها - دون الأول، ولأن الفعل قد يسقط القضاء ولا يسقط الإعادة، كما في ناسي القصر والنجاسة والقبلة وغيرها على بعض الوجوه والأقوال، وكذا الجاهل في بعض المقامات.
وقد يوجه الأول بالفرض والتقدير فيراد اسقاط القضاء على فرض ثبوته، وهو تكلف.
والثاني بأن الناسي ونحوه إن تذكر في الوقت وجب عليه الإعادة والقضاء أيضا عند الإخلال بها، وإلا لم يجب عليه شئ منهما.
ويمكن التفرقة بين الحدين على التقدير الأول: بأن ثبوت القضاء على تارك