لا لأجل تركهم الكفائي، بل لتركهم الواجب المشروط مع تحقق الشرط، ومع قيام البعض لا يعاقب الباقون، لعدم تحقق شرط الوجوب.
فإن كان المقصود مما ذكر أولا هو ما ذكر هنا اتحد القولان، وإلا اختلفا.
فكيف كان فهو ظاهر الوهن، إذ ليس في الكفائي وجوبان، ضرورة أنه ليس مطلوب الشارع إلا أمر واحد يحصل بقيام أي بعض منهم، فإيجابه ذلك على كل منهم على سبيل البدل قاض بحصول الواجب بفعل أحدهم، واستحقاقهم جميعا للعقاب على فرض ترك الكل حسب ما يأتي توضيح القول فيه، فتعين الفعل على كل منهم على فرض ترك الباقين له هو عين وجوبه الكفائي الثابت أولا قبل فرض ترك غيره.
والظاهر أن القول المذكور إنما نشأ من ضيق الخناق في الجميع من حصول الواجب بفعل البعض واستحقاق الجميع للعقوبة على فرض ترك الكل، حيث رأى أن الوجوب على البعض ينافي استحقاق الكل للعقوبة. كما أن تعلق الوجوب في التخييري بأحدها ينافي استحقاقه العقوبة بالكل على تقدير ترك الجميع، بل إنما يعاقب على أحدها فزعم حصول وجوبين في المقام على الوجه المذكور.
وقد عرفت ما يدفع الإشكال من غير حاجة إلى الالتزام بذلك، على أنه يمكن أن يقال أيضا: إن ما ذكره وإن صحح الحكمين المذكورين إلا أنه يلزم على تقدير ترك الجميع استحقاق عقوبتين: أحدهما على ترك ذلك الواجب المشروط بعد تحقق شرطه بالنسبة إلى الكل الذي لازم الوجوب الكفائي على ما نص عليه ذلك البعض. والآخر على ترك نفس الواجب الكفائي المتعلق بالبعض، ولا قائل به فكيف يصح الحكم بوجوبه كذلك مع عدم استحقاق العقوبة على تركه أصلا؟ إلا أن يقول بارتفاع ذلك الوجوب حينئذ، بل ترقيه إلى العيني فيكون وجوبه كفائيا على تقدير قيام البعض به، وعينيا على تقدير عدمه.
وهو كما ترى تعسف ظاهر، بل تمحل فاسد لا يوافق الخطاب المتعلق بالفعل، ولا باعث على الالتزام به. وما ذكره في تفسير البعض الغير المعين إن أراد به كون