المعين بحسب الواقع كما أنه غير متعين عندنا فمن البين فساده، لوضوح كون التكليف صفة وجودية لا يمكن تعلقه خارجا بالمبهم، ضرورة صحة سلبه عن كل بعض معين، فيصح سلبه كليا عن الجميع، فلا يجامع الإيجاب الجزئي. وبتقرير آخر: البعض المبهم غير موجود في الخارج، فلا يعقل أن يتعلق به صفة وجودية في الخارج.
وإن أريد به تعلق التكليف بالبعض المعين بحسب الواقع وفي علم الله سبحانه وإن لم يتعين عندنا - كما حكي ذلك أيضا قولا في المقام وإن لم يعرف القائل به - فهو أيضا ظاهر الفساد، لاختصاص الوجوب إذا بذلك البعض، وإن قام فعل الغير مقامه وقضى بسقوطه عنه حسب ما دل الدليل عليه، إلا أن ذلك لا يقضي بعصيان الكل عند ترك الإتيان به كما يقضي به اتفاق الكل عليه.
غاية الأمر لزوم العصيان من جهة التجري إن سلم لزوم ذلك، وذلك غير عصيانهم بترك الواجب على ما يقضي به الاجماع، مضافا إلى أنه لا ترجيح للبعض على البعض في أداء المطلوب، فتخصيص الشارع بعضهم بذلك دون غيره ترجيح من غير مرجح يستحيل حصوله منه.
وإن أريد به تعلق الوجوب بمطلق البعض على نحو الكلي الطبيعي الصادق على كل من الأبعاض حسب ما ذكر نظيره في الواجب المخير فيجب إذا على كل من الأفراد بدلا لانطباق مفهوم البعض عليه، فهو عين القول بوجوبه على الكل على سبيل البدل، إذ ليس المكلف مفهوم البعض، بل هو عنوان لكل من أبعاض المكلفين، فيكون المكلف هو كل من تلك الأبعاض على وجه يراد الفعل من أي منهم كان، وقضية التكليف الحاصل على الوجه المذكور أداء الواجب بفعل أي منهم وعصيان الجميع عند ترك الكل، فيعود الخلاف بين القولين لفظيا.
ثالثها: القول بوجوبه على المجموع من حيث هو، لا على كل واحد منهم، ولا على البعض، فمع الترك يلزم تأثيم المجموع بالذات، وتأثيم كل واحد منهم بالعرض، ومع إتيان البعض به يصدق حصول الفعل من المجموع في الجملة فيسقط الوجوب، وعزي القول به إلى قطب الدين الشيرازي.