نعم غاية الأمر أن يقال: إنه لما كان إيجاد الواجب متحدا مع الآخر بحسب الواقع وكان المطلوب نفس ذلك الإيجاد صح بملاحظة ذلك إسناد التكليف إلى ذلك الأمر الآخر بالعرض والمجاز، نظرا إلى اتحاده مع الواجب، فيكون الأمر بالمسبب أمرا بالسبب على النحو المذكور نظير ما مرت الإشارة إليه في سائر المقدمات، وقد عرفت خروجه عن محل النزاع.
وعلى الثالث أولا: أنه لا دليل على توقف انقطاع التكليف على فعل المكلف به، بل لو قيل بحصول الامتثال لو أتى بسببه المستلزم له في العادة، نظرا إلى أدائه إلى أداء المطلوب لم يكن بعيدا إذا لم يحصل هناك ما يقضى بتخلفه عن المسبب، كما أنه يحصل عصيان النهي بالإتيان بالسبب المفضي إلى الحرام من حيث أدائه إليه، وليس في كلامهم تصريح بخلافه، وما ذكر من اختلافهم في زمان سقوط الواجب على قولين منزل على غير الصورة المفروضة.
وثانيا: أنه لا مانع من التزام بقاء التكليف بعد حصول السبب، وما ذكر من اعتبار إمكان الفعل في جواز التكليف إنما هو بالنسبة إلى التكليف الابتدائي دون الاستدامي، إذ لا مانع من القول ببقائه إلى صدور الفعل منه، لعدم صدق الامتثال قبله. فتأمل.
قوله: * (لأن تعلق الأمر بالمسبب نادر) *.
لما كان مراد القائل بتعلق الأمر بالأسباب هو وجوب الأفعال التي يتعلق بها إرادة المكلف واختياره ابتداء دون ما يتسبب عن ذلك من الأفعال - كما هو ظاهر كلامه - أراد المصنف بيان قلة الثمرة في المسألة، فليس هناك فرق يعتد به بين القول باختصاص الوجوب بالأسباب أو المسببات أو تعلقه بالأمرين، وذلك لكون الأوامر الشرعية متعلقة في الغالب بنفس الأفعال الصادرة من المكلف ابتداءا كالوضوء والغسل والصلاة والصوم ونحوها، وتعلق الأمر بفعل توليدي للمكلف على فرض ثبوته نادر.
قوله: * (وأثر الشك في وجوبه هين) *.