منفردا بل به وبسببه معا فهو أيضا في الفساد كسابقه، إذ من الواضح كون كل من السبب والمسبب فعلا مغايرا للآخر بحسب الخارج مباينا له، ومن المستبين في أوائل العقول عدم إمكان حصول فعلين متعددين متباينين في الخارج بتأثير واحد شخصي متعلق بهما، لتوقف كل من فعلين مختلفين كذلك على تأثير منفرد متعلق به.
ودعوى شهادة الوجدان باتحاد التأثير في المقام فاسدة جدا كيف ومن البين أن التأثير المتعلق بجز الرقبة مثلا غير التأثير المتعلق بزهوق الروح؟ فكيف يقال بحصول الأمرين بتأثير واحد؟ غاية الأمر أن يكون التأثير المتعلق بأحدهما حاصلا بواسطة التأثير المتعلق بالآخر ومنوطا به في العادة وإن حصل التأثير الثاني من مؤثر آخر بحسب الواقع كما قررنا، وقد ظهر بذلك اتحاد مناط الاستدلال في الوجهين المذكورين وفي الجواب عنهما.
ثم مع الغض عن جميع ما ذكرنا وتسليم اتحاد التأثير المتعلق بهما يكون نسبة الإيجاد إليهما على نحو واحد، فكما يمكن أن يكون السبب متعلقا للتكليف يمكن أن يكون المسبب متعلقا له من غير فرق أصلا، وحينئذ فلا وجه لجعل انتساب أحدهما إليه ذاتيا والآخر عرضيا، والحكم بكون الأول متعلقا للتكليف حقيقة دون الآخر.
نعم لو جعل الوجه المذكور دليلا على عدم تعلق الأمر بالمسببات وحدها مع أسبابها لكان له وجه، نظرا إلى ما ادعي من اتحادهما في الإيجاد فيكون الأمر بإيجاد المسبب أمرا بإيجاد سببه أيضا.
لكنك خبير بأنه لا يتم الاحتجاج بالنسبة إلى ذلك أيضا، فإنه مع وضوح فساده بما عرفت مدفوع بأن مجرد اتحادهما في الإيجاد لا يستدعي تعلق الأمر بهما، إذ قد يكون ملحوظ الآمر حصول أحدهما من غير التفاته إلى حصول الآخر معه، فمطلوبية الإيجاد من إحدى الجهتين لا يستلزم مطلوبيته من الجهة الأخرى فضلا عن أن يكون عينه.