وقد يدفع ذلك بأن قوله: " مطلقا " ليس لإخراج الواجب المشروط، بل المقصود منه بيان تعميم اعتبارات الأمر ومقايسته بالنظر إلى مقدماته فيكون قوله:
" شرطا كان أو سببا أو غيرهما " بيانا لمفاد الإطلاق. وحينئذ فلا بد من اعتبار مقدورية المقدمة لوضوح عدم وجوبها مع انتفاء القدرة عليها.
وفيه مع ما فيه من التكلف الظاهر أنه يلزم حينئذ اندراج غير القدرة من مقدمات الواجب المشروط في العنوان مع خروجها عن محل النزاع.
ولو أجيب بأن إطلاق الأمر بالشئ إنما ينصرف إلى المطلق دون المشروط لعدم تعلق الأمر به قبل وجود شرطه.
ففيه: أن ذلك إن تم لجرى بالنسبة إليها فلا حاجة إلى القيد المذكور، إذ لا فرق بين المقدمة المذكورة وسائر مقدمات الواجب المشروط.
وقد يقال: إن المراد بالإطلاق في المقام هو إطلاق الوجوب بحسب ظاهر اللفظ وهو لا يستلزم الإطلاق بالمعنى المصطلح، إذ قد يكون الواجب مقيدا بحسب العقل لانتفاء القدرة على مقدمته وحيث إن تقييد الواجب عقلا منحصر في الجهة المذكورة، والمفروض إطلاقه بحسب اللفظ أفاد القيد المذكور إطلاق الواجب بحسب المصطلح لإطلاقه إذن بحسب العقل والنقل. وهو كما ترى موهون من وجوه شتى.
وقد يوجه أيضا بأن مقدمة الواجب قد تكون مقدورة وقد لا تكون مقدورة، فإذا كانت مقدورة كان الأمر بالواجب مطلقا بالنسبة إليها فيصدق حينئذ أن الأمر به مطلق بالنسبة إلى تلك المقدمة في الجملة، وإن صارت غير مقدورة فالتقييد بالمقدورية من جهة الاحتراز عن تلك المقدمة، إذا لم تكن مقدورة فالكلام في قوة أن يقال: مقدمة الواجب المطلق واجبة ما دام مطلقا لا دائما.
وأنت خبير بما فيه من التكلف، كيف ولو لم يكن اعتبار إطلاق الأمر به كافيا في الدلالة على اعتبار بقاء الإطلاق لم يكن اعتبار المقدورية كافيا في اعتبار بقاءها، لصدق كونها مقدورة في الجملة بعد تعلق القدرة بها؟