ويوهنه خلو أخبار الباب وعدم تعرض أحد من الأصحاب فيما أعلم لوجوب اعتبار ذلك فيها، مع أنها من أعظم ما يعم به البلوى وتشتد الحاجة إليها.
مضافا إلى جريان السيرة المستمرة على خلافه بحيث كاد أن يحصل منه القطع بفساده، وفي ذلك شهادة على صحة ما اخترناه في المسألة المذكورة، وعلى ما اخترناه لو سها فأتى بالأول على جهة الندب وقع واجبا وجاز له الاقتصار عليه.
ومنها: عدم لزوم تعيين صوم القضاء لكل يوم فاته من شهر رمضان، إذ الواجب من الصوم حينئذ من أفراد طبيعة واحدة.
ومنها: أنه لو كان عليه منذورات عديدة من أفراد طبيعة واحدة اكتفى في أدائها بقصد أداء المنذور من غير حاجة إلى تعيين خصوص كل منها.
ومنها: أنه لو كان عليه ديون عديدة من جنس واحد على صفة واحدة فأدى واحدا من ذلك الجنس من غير أن يعينه لخصوص واحد معين منها حصل البراءة على قدر المؤدى، من غير أن ينصرف إلى خصوص واحد منها.
وقد يشكل الحال في هذه المقامات فيما إذا تعلق حكم خاص بأحد الواجبين فأتى بأحدهما على الوجه المذكور، كما إذا كان قد نذر الإتيان بواحد معين منهما، أو نذر على تقدير الإتيان به التصدق على الفقير مثلا، أو كان هناك رهن بإزاء أحد الدينين أو حل أجل أحدهما دون الآخر بعد الدفع.
فهل يقال بانصراف ذلك إلى ما اشتمل على الخصوصية، أو يدفع ذلك بالأصل، أو يتخير الفاعل أو الدافع في التعيين؟ وجوه.
وقد يقال بتعيين الأول إذا عين الثاني لأداء الآخر، فيتعين المطلق للأول، ولا يخلو ذلك عن وجه كما مرت الإشارة اليه.
ومن ذلك ما لو كان عليه دينان على الوجه المذكور لرجلين فوكلا ثالثا في القبض، فدفع اليه أحد الحقين أو كليهما من غير أن يعين شيئا منهما لخصوص أحدهما.
ومنه ما لو باعه قفيزين من الحنطة بدرهمين وأقبضه المبيع وباعه أيضا