فيبقى الاستناد إلى التوبيخ المذكور على حاله.
وقد يجاب عنه بأن دعاءه (صلى الله عليه وآله) لم يعلم كونه بصيغة الأمر ولم يعلم أيضا كون التوبيخ الوارد عليه من جهة مجرد عدم إجابة الدعاء، بل قد يكون من أجل الأمر الوارد في الآية الشريفة المقرونة بقرينة الوجوب.
لكن لا يذهب عليك أن ظاهر ذكر الآية الشريفة في مقام التوبيخ شاهد على عدم اعتبار كون الدعاء بلفظ مخصوص، فيندرج فيه ما إذا كان بصيغة الأمر لصدق الدعاء عليه بحسب العرف قطعا وأن وجوب الإجابة المستفاد من الآية فرع كون الدعاء على سبيل الوجوب، إذ يبعد القول بوجوب الإجابة مع كون الدعاء على سبيل الندب فيفيد دلالة الصيغة على الوجوب، وإلا لم يتجه إطلاق الحكم بوجوب الإجابة.
ومن ذلك جملة من الأخبار الخاصة كصحيحة الفاضلين (1) الواردة في التقصير في السفر، وقد احتج الإمام (عليه السلام) بآية التقصير، فقالا: قلنا إنما قال الله تعالى: * (لا جناح عليكم) * ولم يقل: " افعلوا " فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر، ثم أجاب (عليه السلام) عنه بورود لا جناح في الكتاب في آية السعي وقد استدلوا على وجوبه في الحج بذكره تعالى في كتابه، ووصف النبي (صلى الله عليه وآله) له فكذلك التقصير ففي فهمهما الوجوب من صيغة " افعلوا " وتقرير الإمام (عليه السلام) على ذلك دلالة على المطلوب.
ويرد على ذلك وعلى الاحتجاج بسائر الروايات المتقدمة ما عرفت من أن غاية ما يستفاد منها كون الصيغة مفيدة للوجوب ظاهرة فيه، وهو أعم من كون ذلك بالوضع أو من جهة ظهور الطلب فيه، والظاهر أنه على الوجه الثاني كما يظهر من ملاحظة ما قدمناه فلا تفيد المدعى.
ومنها: الاجماع المحكي في كلام جماعة من الخاصة والعامة على الاحتجاج بالأوامر المطلقة الواردة في الشريعة على الوجوب وقد حكاه من الخاصة