فهو لا يقنع بنقل قول ما كيفما كان، ولكنه يقلبه ظهرا لبطن ويحسب له حساب الخبير المتمرس المحقق. ويكفي لمعرفة مدى فحص الشيخ في الآراء اللغوية والأصولية والاستنتاج الصحيح من مجموعها، النظر بدقة في التعليقة الأولى على قول صاحب المعالم " الفقه في اللغة الفهم ".
ومن الجانب الفقهي:
عرف شيخنا المترجم له - في عصره وبعد عصره - بتبحره في أصول الفقه لانتشار كتابه " هداية المسترشدين " وتداوله بين العلماء في الحوزات العلمية، والأصول من المقدمات التي لابد للفقهاء من النظر فيها توطئة للاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية والتصدي للفتوى، وليس هذا الفن مقصودا بالذات كما يعلمه المشتغلون بالدراسات العالية، وتوفر آلات الاجتهاد يمهد للشخص طريق الاستنباط، فكلما كانت هذه الآلات أوفر يكون سبيل الوصول إلى الهدف الغائي أيسر وأسهل. ومن هنا نجد كثيرا من أعلامنا المجتهدين يتوغلون في القواعد الأصولية، وبه يكون استنباطهم للمسائل الفقهية أوفق وأركز دعامة.
اشتغل الشيخ في أيام الدراسة والطلب بالفقه والأصول معا، ثم درس فيهما طيلة حياته ممارسا لهما معا وفاحصا عن أدلتهما سوية، ولذا نراه في كتابه " تبصرة الفقهاء " مستوعبا لجوانب المسائل الفقهية، كما هو الحال في كتابه " هداية المسترشدين ".
لم يوفق الشيخ إلى إكمال الشوط لكل أبواب الفقه في كتابه " تبصرة الفقهاء "، بل كتب منه نبذا من كتاب الطهارة والصلاة والزكاة والبيع، وبهذه النبذ دلنا على قوة عارضته في الاجتهاد الفقهي وتسلطه على الأقوال والآراء وقدرته الفائقة على نقدها وتمحيصها، ثم لباقته الممتازة في عرض الأدلة من الكتاب الكريم والسنة المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) واستخراج الحكم الأوفق بها.
نرى شيخنا الفقيه عندما يتعرض لموضوع ما، يبدأ بما ذكره اللغويون مع