الرجال ولا نذكر فأنزل الله تعالى (إن المسلمين والمسلمات) الآية حديث آخر قال ابن جرير حدثنا أبو كريب قال حدثنا سنان بن مظاهر العمري حدثنا أبو كدينة يحيى بن المهلب عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النساء للنبي صلى الله عليه وسلم ما له يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات فأنزل الله تعالى (إن المسلمين والمسلمات) الآية وحدثنا بشر حدثنا يزيد حدثنا سعيد عن قتادة قال دخل نساء على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقلن قد ذكركن الله تعالى في القرآن ولم نذكر بشئ أما فينا ما يذكر؟ فأنزل الله تعالى (إن المسلمين والمسلمات) الآية فقوله تعالى (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات) دليل على أن الايمان غير الاسلام وهو أخص منه لقوله تعالى (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم) وفي الصحيحين " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " فيسلبه الايمان ولا يلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين فدل على أنه أخص منه كما قررناه في أول شرح البخاري وقوله تعالى (والقانتين والقانتات) القنوت هو الطاعة في سكون (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) وقال تعالى (وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) (وقوموا لله قانتين) فالاسلام بعده مرتبة يرتقي إليها وهو الايمان ثم القنوت ناشئ عنهما (والصادقين والصادقات) هذا في الأقوال فإن الصدق خصلة محمودة ولهذا كان بعض الصحابة رضي الله عنه لم تجرب عليه كذبة لا في الجاهلية ولا في الاسلام وهو علامة على الايمان كما أن الكذب أمارة على النفاق ومن صدق نجا " عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " والأحاديث فيه كثيرة جدا (والصابرين والصابرات) هذه سجية الاثبات وهي الصبر على المصائب والعلم بأن المقدر كائن لا محالة وتلقي ذلك بالصبر والثبات وإنما الصبر عند الصدمة الأولى أي أصعبه في أول وهلة ثم ما بعده أسهل منه وهو صدق السجية وثباتها (والخاشعين والخاشعات) الخشوع السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع والحامل عليه الخوف من الله تعالى ومراقبته كما في الحديث " أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " (والمتصدقين والمتصدقات) الصدقة هي الاحسان إلى الناس المحاويج الضعفاء الذين لا كسب لهم ولا كاسب يعطون من فضول الأموال طاعة وإحسانا إلى خلقه وقد ثبت في الصحيحين " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - فذكر منهم - ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " وفي الحديث الآخر " والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار " والأحاديث في الحث عليها كثيرة جدا له موضع بذاته (والصائمين والصائمات) وفي الحديث الذي رواه ابن ماجة " والصوم زكاة البدن " أي يزكيه ويطهره وينقيه من الاخلاط الرديئة طبعا وشرعا كما قال سعيد بن جبير من صام رمضان وثلاثة أيام من كل شهر دخل في قوله تعالى (والصائمين والصائمات) ولما كان الصوم من أكبر العون على كسر الشهوة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ناسب أن يذكر بعده (والحافظين فروجهم والحافظات) أي عن المحارم والمأثم إلا عن المباح كما قال عز وجل (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وقوله تعالى (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات) قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هشام بن عبيد الله حدثنا محمد بن جابر عن علي بن الأقمر عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وقال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه إنه قال: قلت يا رسول الله أي العباد أفضل درجة عند الله تعالى يوم القيامة؟ قال صلى الله عليه وسلم " الذاكرون الله كثيرا والذاكرات " قال
(٤٩٦)