تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٣ - الصفحة ٤٨٢
مقام المرابطة (فارجعوا) أي إلى بيوتكم ومنازلكم (ويستأذن فريق منهم النبي) قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما هم بنو حارثة قالوا بيوتنا نخاف عليها السراق وكذا قال غير واحد وذكر ابن إسحاق أن القائل لذلك هو أوس بن قيظي يعني اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عورة أي ليس دونها ما يحجبها من العدو فهم يخشون عليها منهم قال الله تعالى (وما هي بعورة) أي ليست كما يزعمون (إن يريدون إلا فرارا) أي هربا من الزحف.
ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا (14) ولقد كانوا عهدوا الله من قبل لا يولون الأدبر وكان عهد الله مسؤولا (15) قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا (16) قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا (17) * يخبر تعالى عن هؤلاء الذين (يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا) أنهم لو دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة وقطر من أقطارها ثم سئلوا الفتنة وهي الدخول في الكفر لكفروا سريعا وهم لا يحافظون على الايمان ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع هكذا فسره قتادة وعبد الرحمن بن زيد وابن جرير وهذا ذم لهم في غاية الذم ثم قال تعالى يذكرهم بما كانوا عاهدوا الله من قبل هذا الخوف أن لا يولوا الادبار ولا يفرون من الزحف (وكان عهد الله مسؤولا) أي وأن الله تعالى سيسألهم عن ذلك العهد لا بد من ذلك ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ولا يطول أعمارهم بل ربما كان ذلك سببا في تعجيل أخذهم غرة ولهذا قال تعالى (وإذا لا تمتعون إلا قليلا) أي بعد هربكم وفراركم (قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى) ثم قال تعالى (قل من ذا الذي يعصمكم من الله) أي يمنعكم (إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) أي ليس لهم ولا لغيرهم من الله مجير ولا مغيث.
قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لاخونهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا (18) أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يخشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعملهم وكان ذلك على الله يسيرا (19) يخبر تعالى عن إحاطة علمه بالمعوقين لغيرهم عن شهود الحرب والقائلين لاخوانهم أي أصحابهم وعشرائهم وخلطائهم (هلم إلينا) أي إلى ما نحن فيه من الإقامة في الظلال والثمار وهم مع ذلك (لا يأتون البأس إلا قليلا * أشحة عليكم) أي بخلاء بالمودة والشفقة عليكم وقال السدي (أشحة عليكم) أي في الغنائم (فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت) أي من شدة خوفه وجزعه وهكذا خوف هؤلاء الجبناء من القتال (فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد) أي فإذا كان الامن تكلموا كلاما بليغا فصيحا عاليا وادعوا لأنفسهم المقامات العالية في الشجاعة والنجدة وهم يكذبون في ذلك وقال ابن عباس رضي الله عنهما (سلقوكم) أي استقبلوكم وقال قتادة أما عند الغنيمة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة أعطونا أعطونا قد شهدنا معكم وأما عند البأس فأجبن قوم وأخذله للحق وهم مع ذلك أشحة على الخير أي ليس فيهم خير قد جمعوا الجبن والكذب وقلة الخير فهم كما قال في أمثالهم الشاعر:
أفي السلم أعيار جفاء وغلظة وفي * الحرب أمثال النساء العوارك أي في حال المسالمة كأنهم الحمر والاعيار جمع عير وهو الحمار وفي الحرب كأنهم النساء الحيض ولهذا
(٤٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة سبحان 3
2 قصة الاسراء والمعراج 3
3 إيتاء سيدنا موسى عليه السلام التوراة 26
4 كتاب الاعمال 29
5 بعثة الرسل 31
6 المترفين 35
7 القرون الماضية بعد نوح 36
8 هلاك من آثر الدنيا على الآخرة 36
9 الامر بالتوسط في الانفاق 40
10 تكريم بنى آدم 55
11 الكلام على الروح 64
12 لو اجتمع الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لعجزوا 66
13 إيتاء موسى عليه السلام التسع آيات 70
14 تفسير سورة الكهف 74
15 قصة أصحاب الكهف 77
16 قصة صاحب الجنتين 87
17 قصة سيدنا موسى مع الخضر 97
18 قصة ذو القرنين 106
19 تفسير سورة مريم 116
20 قصة سيدنا زكريا عليه السلام 116
21 قصة السيدة مريم 120
22 قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام 129
23 قصة سيدنا موسى عليه السلام 131
24 قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام 132
25 قصة سيدنا إدريس عليه السلام 133
26 المرور على الصراط 138
27 تفسير سورة طه 148
28 قصة سيدنا موسى مع فرعون 151
29 تفسير سورة الأنبياء 181
30 قصة سيدنا إبراهيم مع قومه 190
31 قصة سيدنا داود وسليمان 195
32 قصة سيدنا أيوب عليه السلام 197
33 قصة سيدنا يونس عليه السلام 200
34 تفسير سورة الحج 212
35 اذان سيدنا إبراهيم بالحج 225
36 دفاع الله عن المؤمنين 235
37 تفسير سورة المؤمنون 248
38 بيان كيفية خلق الانسان 250
39 تفسير سورة النور 270
40 ما جاء في اللعان 275
41 قصة الافك 279
42 الامر بالاستئذان 289
43 امر المؤمنين بغض ابصارهم 292
44 امر المؤمنات بغض أبصارهن 293
45 الامر بنكاح الأيامى المؤمنات 297
46 تفسير قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض 300
47 الامر ببناء المساجد وتعظيمها 303
48 تفسير سورة الفرقان 319
49 صفات عباد الرحمن 336
50 تفسير سورة الشعراء 343
51 قصة سيدنا موسى مع فرعون 344
52 قصة سيدنا إبراهيم مع قومه 350
53 قصة سيدنا نوح مع قومه 353
54 قصة سيدنا هود مع قومه 353
55 قصة سيدنا لوط مع قومه 357
56 قصة سيدنا شعيب مع قومه 357
57 تفسير سورة النمل 368
58 قصة سيدنا موسى مع فرعون 369
59 قصة سيدنا داود وسليمان 370
60 قصة سيدنا صالح مع قومه 379
61 قصة الدابة التي تخرج من الأرض 386
62 النفخ في الصور 389
63 تفسير سورة القصص 391
64 نيا سيدنا موسى مع فرعون 391
65 قصة قارون 409
66 تفسير سورة العنكبوت 415
67 نبا سيدنا نوح مع قومه 417
68 نبا سيدنا إبراهيم عليه السلام 418
69 تفسير سورة الروم 432
70 الآيات الدالة على قدرته عز وجل 438
71 تفسير سورة لقمان 450
72 وصية لقمان لابنه 453
73 فصل في الخمول والتواضع 456
74 باب ما جاء في الشهرة 457
75 فصل في حسن الخلق 458
76 فصل في ذم الكبر 458
77 فصل في الاختيال 459
78 تفسير سورة السجدة 465
79 صفات المؤمنين 467
80 تفسير سورة الأحزاب 473
81 النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم الخ 476
82 اخذ العهد على الأنبياء 477
83 الامر بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 483
84 فضل أمهات المؤمنين 490
85 ما أعده الله للمؤمنين والمؤمنات 495
86 الامر بالاكثار من ذكر الله 502
87 آية الحجاب 511
88 الامر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم 514
89 امر المؤمنات بتطويل الثياب 526
90 تفسير سورة سبا 532
91 تسخير الريح والجن لسيدنا سليمان 535
92 قصة سبا 538
93 ارسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة 546
94 تفسير سورة فاطر 554
95 ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها 554
96 الكلام على قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله 559
97 الكلام على قوله تعالى: ان الذين يتلون كتاب الله... الخ 561
98 تفسير سورة يس 570
99 أصحاب القرية 574
100 الدليل على البعث 588