قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته، وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسين بن محمد بن شيبة الواسطي حدثنا أبو أحمد - يعني الزبيري - أنبأنا إسرائيل عن سالم الأفطس عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: طه يا رجل وهكذا روى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء محمد بن كعب وأبي مالك وعطية العوفي والحسن وقتادة والضحاك والسدي وابن أبزى أنهم قالوا: طه بمعنى يا رجل، وفي رواية عن ابن عباس وسعيد بن جبير والثوري أنها كلمة بالنبطية معناها يا رجل، وقال أبو صالح هي معربة وأسند القاضي عياض في كتابه الشفاء من طريق عبد بن حميد في تفسيره حدثنا هاشم بن القاسم عن ابن جعفر عن الربيع بن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله تعالى " طه " يعني طأ الأرض يا محمد " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " ثم قال ولا يخفى ما في هذا من الاكرام وحسن المعاملة وقوله " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " قال جويبر عن الضحاك لما أنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم قام به هو وأصحابه فقال المشركون من قريش ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى فأنزل الله تعالى " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى فليس الامر كما زعمه المبطلون بل من آتاه الله العلم فقد أراد به خيرا كثيرا كما ثبت في الصحيحين عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في ذلك حيث قال حدثنا أحمد بن زهير حدثنا العلاء بن سالم حدثنا إبراهيم الطالقاني حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن سماك بن حرب عن ثعلبة بن الحكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي " إسناده جيد وثعلبة بن الحكم هذا هو الليثي ذكره أبو عمر في استيعابه وقال نزل البصرة ثم تحول إلى الكوفة وروى عنه سماك بن حرب، وقال مجاهد في قوله " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " هي كقوله " فاقرءوا ما تيسر منه " وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة وقال قتادة " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " لا والله ما جعله شقاء ولكن جعله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة " ألا تذكرة لمن يخشى " إن الله أنزل كتابه وبعث رسوله رحمة رحم بها عباده لتذكر ذاكر وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه، وقوله " تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى " أي هذا القرآن الذي جاءك يا محمد هو تنزيل من ربك رب كل شئ ومليكه القادر على ما يشاء الذي خلق الأرض بانخفاضها وكثافتها وخلق السماوات العلى في ارتفاعها ولطافتها وقد جاء في الحديث الذي صححه الترمذي وغيره أن سمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبعد ما بينها والتي تليها مسيرة خمسمائة عام وقد أورد ابن أبي حاتم ههنا حديث الأوعال من رواية العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه. وقوله " الرحمن على العرش استوى " تقدم الكلام على ذلك في سورة الأعراف بما أغنى عن إعادته أيضا وأن المسلك الأسلم في ذلك طريقة السلف إمرار ما جاء في ذلك من الكتاب والسنة من غير تكييف ولا تحريف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل، وقوله " له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى " أي الجميع ملكه وفي قبضته وتحت تصرفه ومشيئته وإرادته وحكمه وهو خالق ذلك ومالكه وإلهه لا إله سواه ولا رب غيره وقوله وما تحت الثرى قال محمد بن كعب أي ما تحت الأرض السابعة وقال الأوزاعي إن يحيى بن أبي كثير حدثه أن كعبا سئل فقيل له: ما تحت هذه الأرض؟ فقال الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال الأرض، قيل: وما تحت الأرض؟ قال الماء، قيل: وما تحت الماء؟ قال الأرض، قيل: وما تحت الأرض؟ قال الماء، قيل: وما تحت الماء؟ قال الأرض، قيل: وما تحت الأرض؟ قال صخرة قيل:
وما تحت الصخرة؟ قال: ملك قيل: و ما تحت الملك؟ قال حوت معلق طرفاه بالعرش، قيل: وما تحت الحوت؟ قال الهواء والظلمة وانقطع العلم. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله بن أخي بن وهب حدثنا عمي