كن فيه فهو منافق وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن حان " وعن النبي عليه السلام: " تقبلوا لي ستا أتقبل لكم الجنة إذا حدثتم فلا تكذبوا وإذا وعدتم فلا تخلفوا وإذا ائتمنتم فلا تخونوا وكفوا أبصاركم وأيديكم وفروجكم. أبصاركم عن الخيانة وأيديكم عن السرقة وفروجكم عن الزنا " قال عطاء بن أبي رباح: حدثني جابر بن عبد الله أنه صلى الله عليه وسلم إنما ذكر قوله ثلاث من كن فيه فهو منافق في المنافقين خاصة الذين حدثوا النبي صلى الله عليه وسلم فكذبوه وائتمنهم على سره فخانوه ووعدوا أن يخرجوا معه فأخلفوه، ونقل أن عمرو بن عبيد فسر الحديث فقال: إذا حدث عن الله كذب عليه وعلى دينه ورسوله وإذا وعد أخلف كما ذكره فيمن عاهد الله وإذا ائتمن على دين الله خان في السر فكان قلبه على خلاف لسانه ونقل أن واصل بن عطاء قال: أتى الحسن رجل فقال له: إن أولاد يعقوب حدثوه في قولهم أكله الذئب وكذبوه ووعدوه في قولهم: * (وإنا له لحافظون) * فأخلفوه وائتمنهم أبوهم على يوسف فخانوه فهل نحكم بكونهم منافقين؟ فتوقف الحسن رحمه الله.
المسألة الرابعة: * (إلى يوم يلقونه) * يدل على أن ذلك المعاهد مات منافقا، وهذا الخبر وقع مخبره مطابقا له، فإنه روي أن ثعلبة أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقته فقال: إن الله تعالى منعني أن أقبل صدقتك، وبقي على تلك الحالة، وما قبل صدقته أحد حتى مات، فدل على أن مخبر هذا الخبر وقع موافقا، فكان إخبارا عن الغيب فكان معجزا.
المسألة الخامسة: قال الجبائي: إن المشبهة تمسكوا في إثبات رؤية الله تعالى بقوله: * (تحيتهم يوم يلقونه سلام) * قال واللقاء ليس عبارة عن الرؤية، بدليل أنه قال في صفة المنافقين: * (إلى يوم يلقونه) * وأجمعوا على أن الكفار لا يرونه، فهذا يدل على أن اللقاء ليس عبارة عن الرؤية. قال: والذي يقويه قوله عليه السلام: " من حلف على يمين كاذبة ليقطع بها حق امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان " وأجمعوا على أن المراد من اللقاء ههنا: لقاء ما عند الله من العقاب فكذا ههنا. والقاضي استحسن هذا الكلام. وأقول: أنا شديد التعجب من أمثال هؤلاء الأفاضل كيف قنعت نفوسهم بأمثال هذه الوجوه الضعيفة؟! وذلك لأنا تركنا حمل لفظ اللقاء على الرؤية في هذه الآية، وفي هذا الخبر لدليل منفصل، فلم يلزمنا ذلك في سائر الصور. ألا ترى أنا لما أدخلنا التخصيص في بعض العمومات لدليل منفصل، لم يلزمنا مثله في جميع العمومات أن نخصصها من غير دليل، فكما لا يلزم هذا لم يلزم ذلك فإن قال هذا الكلام إنما يقوى لو ثبت أن اللقاء في اللغة عبارة عن الرؤية، وذلك ممنوع. فنقول: لا شك أن اللقاء عبارة عن الوصول ومن رأى شيئا فقد وصل إليه فكانت