تفسير الرازي - الرازي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦
خالقا للسماء والأرض، بل لا بد وأن يكون لهم فيه تأويل، والعلماء ذكروا فيه وجوها كثيرة وقد ذكرنا هذا البحث في أول سورة البقرة، ولا بأس بأن نعيده ههنا تكثيرا للفوائد.
فالتأويل الأول: وهو الأقوى أن الناس رأوا تغيرات أحوال هذا العالم الأسفل مربوطة بتغيرات أحوال الكواكب، فإن بحسب قرب الشمس وبعدها من سمت الرأس تحدث الفصول الأربعة، وبسبب حدوث الفصول الأربعة تحدث الأحوال المختلفة في هذا العالم، ثم إن الناس ترصدوا أحوال سائر الكواكب فاعتقدوا ارتباط السعادات والنحوسات بكيفية وقوعها في طوالع الناس على أحوال مختلفة فلما اعتقدوا ذلك غلب على ظنون أكثر الخلق أن مبدأ حدوث الحوادث في هذا العالم هو الاتصالات الفلكية والمناسبات الكوكبية فلما اعتقدوا ذلك بالغوا في تعظيمها ثم منهم من اعتقد أنها واجبة الوجود لذواتها ومنهم من اعتقد حدوثها وكونها مخلوقة للإله الأكبر، إلا أنهم قالوا إنها وإن كانت مخلوقة للإله الأكبر، إلا أنها هي المدبرة لأحوال هذا العالم وهؤلاء هم الذين أثبتوا الوسائط بين الإله الأكبر، وبين أحوال هذا العالم. وعلى كلا التقديرين فالقوم اشتغلوا بعبادتها وتعظيمها ثم إنهم لما رأوا أن هذه الكواكب قد تغيب عن الأبصار في أكثر الأوقات اتخذوا لكل كوكب صنما من الجوهر المنسوب إليه واتخذوا صنم الشمس من الذهب وزينوه بالأحجار المنسوبة إلى الشمس وهي الياقوت والألماس واتخذوا صنم القمر من الفضة وعلى هذا القياس ثم أقبلوا على عبادة هذه الأصنام وغرضهم من عبادة هذه الأصنام هو عبادة تلك الكواكب والتقرب إليها وعند هذا البحث يظهر أن المقصود الأصلي من عبادة هذه الأصنام هو عبادة الكواكب. وأما الأنبياء صلوات الله عليهم فلهم ههنا مقامان: أحدهما: إقامة الدلائل على أن هذه الكواكب لا تأثير لها البتة في أحوال هذا العالم كما قال الله تعالى: * (ألا له الخلق والأمر) * (الأعراف: 54) بعد أن بين في الكواكب أنها مسخرة. والثاني: أنها بتقدير أنها تفعل شيئا ويصدر عنها تأثيرات في هذا العالم إلا أن دلائل الحدوث حاصلة فيها فوجب كونها مخلوقة والاشتغال بعبادة الأصل أولى من الاشتغال بعبادة الفرع، والدليل على أن حاصل دين عبدة الأصنام ما ذكرناه أنه تعالى لما حكى عن الخليل صلوات الله عليه أنه قال لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة؟ إني أراك وقومك في ضلال مبين فأفتى بهذا الكلام أن عبادة الأصنام جهل، ثم لما اشتغل بذكر الدليل أقام الدليل على أن الكواكب والقمر والشمس لا يصلح شيء منها للإلهية وهذا يدل على أن دين عبدة الأصنام حاصله يرجع إلى القول بإلهية هذه الكواكب وإلا لصارت هذه الآية متنافية متنافرة. وإذا عرفت هذا ظهر أنه لا طريق إلى إبطال القول بعبادة الأصنام إلا بإبطال كون الشمس والقمر
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا) الآية 2
2 قوله تعالى (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) الآية 6
3 قوله تعالى (قل لو أن عندي ما تستعجلون به) الآية 8
4 قوله تعالى (وعنده مفاتح الغيب) الآية 9
5 قوله تعالى (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) الآية 12
6 قوله تعالى (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) الآية 13
7 قوله تعالى (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) 17
8 قوله تعالى (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر) الآية 20
9 قوله تعالى (قل هو القادر أن يبعث عليكم عذابا) الآية 22
10 قوله تعالى (وكذب به قومك وهو الحق) 23
11 قوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) الآية 24
12 قوله تعالى (وما على الذين ينفقون من حسابهم من شئ) الآية 26
13 قوله تعالى (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا) الآية 27
14 قوله تعالى (قل اندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا) الآية 28
15 قوله تعالى (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق) الآية 31
16 قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر) 34
17 قوله تعالى (وكذلك نرى إبراهيم) 41
18 قوله تعالى (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا 46
19 قوله تعالى (فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي) الآية 56
20 قوله تعالى (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) الآية 57
21 قوله تعالى (وحاجة قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان) الآية 58
22 قوله تعالى (وكيف أخاف ما أشركتم) 60
23 قوله تعالى (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) الآية 61
24 قوله تعالى (ووهبنا له اسحق ويعقوب كلا هدينا) الآية 62
25 قوله تعالى (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم) الآية 66
26 قوله تعالى (أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة) الآية 67
27 قوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) الآية 69
28 قوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره) 72
29 قوله تعالى (وهذا كتاب أنزلناه مبارك ومصدق الذي بين يديه) الآية 80
30 قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) الآية 83
31 قوله تعالى (لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) 86
32 قوله تعالى (إن الله فالق الحب والنوى) 89
33 قوله تعالى (فالق الاصباح وجعل الليل سكنا) الآية 94
34 قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها) الآية 100
35 قوله تعالى (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) الآية 102
36 قوله تعالى (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به) الآية 105
37 قوله تعالى (وجعلوا لله شركاء الجن) 112
38 قوله تعالى (بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد) الآية 117
39 قوله تعالى (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ) الآية 120
40 قوله تعالى (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) الآية 124
41 قوله تعالى (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه) الآية 133
42 قوله تعالى (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست) الآية 134
43 قوله تعالى (اتبع ما أوحى إليك من ربك) 137
44 قوله تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) الآية 139
45 قوله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جائتهم آية ليؤمنن بها) 142
46 قوله تعالى (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) الآية 146
47 قوله تعالى (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى) الآية 149
48 قوله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن) 152
49 قوله تعالى (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة) الآية 156
50 قوله تعالى (أفغير الله ابتغى حكما) الآية 158
51 قوله تعالى (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) 160
52 قوله تعالى (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) الآية 162
53 قوله تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين) 164
54 قوله تعالى (وما لكم ألا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) 165
55 قوله تعالى (وذروا ظاهر الاثم وباطنه) 167
56 قوله تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) 168
57 قوله تعالى (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا) الآية 170
58 قوله تعالى (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) الآية 173
59 قوله تعالى (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتى رسل الله) 175
60 قوله تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام) الآية 177
61 قوله تعالى (وهذا صراط ربك مستقيما) 187
62 قوله تعالى (لهم دار السلام عند ربهم 188
63 قوله تعالى (ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن) الآية 190
64 قوله تعالى (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) 193
65 قوله تعالى (يا معشر الجن والانس ألم يأتكم رسل منكم) الآية 194
66 قوله تعالى (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى) 196
67 قوله تعالى (ولكل درجات مما عملوا) 197
68 قوله تعالى (وربك الغنى ذو الرحمة) الآية 198
69 قوله تعالى (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل) الآية 202
70 قوله تعالى (وجعلوا لله ما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا) الآية 204
71 قوله تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم) الآية 205
72 قوله تعالى (وقالوا هذه الانعام وحرث حجر) الآية 207
73 قوله تعالى (وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا) الآية 208
74 قوله تعالى (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) الآية 209
75 قوله تعالى (وهو الذي أنشأ جنات معروشات) الآية 210
76 قوله تعالى (ومن الانعام حمولة وفرشا) 215
77 قوله تعالى (ثمانية أزواج من الضأن اثنين) الآية 216
78 قوله تعالى (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما) 218
79 قوله تعالى (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) الآية 223
80 قوله تعالى (فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة) الآية 224
81 قوله تعالى (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا) الآية 225
82 قوله تعالى (قل هل شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا) 230
83 قوله تعالى (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) الآية 231
84 قوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) الآية 233