له وخبره قوله * (لتؤمنن به) * والتقدير: للذي آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به، وعلى هذا التقدير * (ما) * رفع بالابتداء والراجع إلى لفظة * (ما) * وموصولتها محذوف والتقدير: لما آتيتكموه فحذف الراجع كما حذف من قوله * (أهذا الذي بعث الله رسولا) * (الفرقان: 41) وعليه سؤالان:
السؤال الأول: إذا كانت * (ما) * موصولة لزم أن يرجع من الجملة المعطوفة على الصلة ذكر إلى الموصول وإلا لم يجز، ألا ترى أنك لو قلت: الذي قام أبوه ثم انطلق زيد لم يجز.
وقوله * (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) * ليس فيه راجع إلى الموصول، قلنا: يجوز إقامة المظهر مقام المضمر عند الأخفش والدليل عليه قوله تعالى: * (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) * (يوسف: 90) ولم يقل: فإن الله لا يضيع أجره، وقال: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) * (الكهف: 30) ولم يقل: إنا لا نضيع أجرهم وذلك لأن المظهر المذكور قائم مقام المضمر فكذا ههنا.
السؤال الثاني: ما فائدة اللام في قوله * (لما) * قلنا: هذه اللام هي لام الابتداء بمنزلة قولك: لزيد أفضل من عمرو، ويحسن إدخالها على ما يجري مجرى المقسم عليه لأن قوله * (إذ أخذ الله ميثاق النبيين) * بمنزلة القسم والمعنى استحلفهم، وهذه اللام المتلقية للقسم، فهذا تقرير هذا الكلام. الوجه الثاني: وهو اختيار سيبويه والمازني والزجاج أن * (ما) * ههنا هي المتضمنة لمعنى الشرط والتقدير ما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به، فاللام في قوله * ( لتؤمنن به) * هي المتلقية للقسم، أما اللام في * (لما) * هي لام تحذف تارة، وتذكر أخرى، ولا يتفاوت المعنى ونظيره قولك: والله لو أن فعلت، فعلت فلفظة (أن) لا يتفاوت الحال بين ذكرها وحذفها فكذا ههنا، وعلى هذا التقدير كانت (ما) في موضع نصب بأتيتكم * (وجاءكم) * جزم بالعطف على * (آتيتكم) * و * (لتؤمنن به) * هو الجزاء، وإنما لم يرض سيبويه بالقول الأول لأنه لا يرى إقامة المظهر مقام المضمر، وأما الوجه في قراءة * (لما) * بكسر اللام فهو أن هذا لام التعليل كأنه قيل: أخذ ميثاقهم لهذا لأن من يؤتى الكتاب والحكمة فإن اختصاصه بهذه الفضيلة يوجب عليه تصديق سائر الأنبياء والرسل * (وما) * على هذه القراءة تكون موصولة، وتمام البحث فيه ما قدمناه في الوجه الأول، وأما قراءة * (لما) * بالتشديد فذكر صاحب " الكشاف " فيه وجهين الأول: أن المعنى: حين آتيتكم بعض الكتاب والحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق له، وجب عليكم