وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب تذكرة، فكان بعض نحويي البصرة يقول:
قال: إلا تذكرة بدلا من قوله لتشقى، فجعله: ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: نصبت على قوله: ما أنزلناه إلا تذكرة. وكان بعضهم ينكر قول القائل: نصبت بدلا من قوله لتشقى، ويقول: ذلك غير جائز، لان لتشقى في الجحد، وإلا تذكرة في التحقيق، ولكنه تكرير. وكان بعضهم يقول: معنى الكلام:
ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى، لا لتشقى. القول في تأويل قوله تعالى: * (تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى الرحمن على العرش استوى) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): هذا القرآن تنزيل من الرب الذي خلق الأرض والسماوات العلى. والعلى: جمع عليا.
واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله: تنزيلا فقال بعض نحويي البصرة:
نصب ذلك بمعنى: نزل الله ذلك تنزيلا. وقال بعض من أنكر ذلك من قيله هذا من كلامين، ولكن المعنى: هو تنزيل، ثم أسقط هو، واتصل بالكلام الذي قبله، فخرج منه، ولم يكن من لفظه.
قال أبو جعفر: والقولان جميعا عندي غير خطأ.
وقوله: الرحمن على العرش استوى يقول تعالى ذكره: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا.
وقد بينا معنى الاستواء بشواهده فيما مضى وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. وللرفع في الرحمن وجهان: أحدهما بمعنى قوله: تنزيلا، فيكون معنى الكلام: نزله من خلق الأرض والسماوات، نزله الرحمن الذي على العرش استوى. والآخر بقوله: على العرش استوى لان في قوله استوى، ذكرا من الرحمن.
القول في تأويل قوله تعالى: * (له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى) *.
يقول تعالى ذكره: لله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، وما تحت الثرى، ملكا له، وهو مدبر ذلك كله، ومصرف جميعه. ويعني بالثرى: الندى. يقال للتراب