لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، ويعدكم جانب الطور الأيمن، وينزل عليكم المن والسلوى، فذلك وعد الله الحسن بني إسرائيل الذي قال لهم موسى: ألم يعدكموه ربكم.
وقوله: أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم يقول: أفطال عليكم العهد بي، وبجميل نعم الله عندكم، وأياديه لديكم، أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم: يقول: أم أردتم أن يجب عليكم غضب من ربكم فتستحقوه بعبادتكم العجل، وكفركم بالله، فأخلفتم موعدي. وكان إخلافهم موعده، عكوفهم على العجل، وتركهم السير على أثر موسى للموعد الذي كان الله وعدهم، وقولهم لهارون إذ نهاهم عن عبادة العجل، ودعاهم إلى السير معه في أثر موسى: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى. القول في تأويل قوله تعالى: * (قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري ئ فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي) *.
يقول تعالى ذكره: قال قوم موسى لموسى: ما أخلفنا موعدك، يعنون بموعده: عهده الذي كان عهده إليهم، كما:
18295 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ح وحدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: موعدي قال: عهدي، وذلك العهد والموعد هو ما بيناه قبل.
وقوله: بملكنا يخبر جل ذكره عنهم أنهم أقروا على أنفسهم بالخطأ، وقالوا: إنا لم نطق حمل أنفسنا على الصواب، ولم نملك أمرنا حتى وقعنا في الذي وقعنا فيه من الفتنة.
وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة: بملكنا بفتح الميم، وقرأته عامة قراء الكوفة: بملكنا بضم الميم، وقرأه بعض أهل البصرة بملكنا بالكسر. فأما الفتح والضم فهما بمعنى واحد، وهما بقدرتنا وطاقتنا، غير أن أحدهما مصدر، والآخر اسم. وأما الكسر فهو بمعنى ملك الشئ وكونه للمالك.