غشاوة، وفي آذانهم وقر في الدنيا فلما كان يوم القيامة أبصروا وسمعوا فلم ينتفعوا، وقرأ: ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون.
وقوله: لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين يقول تعالى ذكره: لكن الكافرون الذين أضافوا إليه ما ليس من صفته، وافتروا عليه الكذب اليوم في الدنيا، في ضلال مبين يقول: في ذهاب عن سبيل الحق، وأخذ على غير استقامة، مبين أنه جائر عن طريق الرشد والهدى، لمن تأمله وفكر فيه، فهدي لرشده. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الامر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وأنذر يا محمد هؤلاء المشركين بالله يوم حسرتهم وندمهم، على ما فرطوا في جنب الله، وأورثت مساكنهم من الجنة أهل الايمان بالله والطاعة له، وأدخلوهم مساكن أهل الايمان بالله من النار، وأيقن الفريقان بالخلود الدائم، والحياة التي لا موت بعدها، فيا لها حسرة وندامة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17886 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبو الزعراء، عن عبد الله في قصة ذكرها، قال: ما من نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة، وبيت في النار، وهو يوم الحسرة، فيرى أهل النار البيت الذي كان قد أعده الله لهم لو آمنوا، فيقال لهم: لو آمنتم وعملتم صالحا كان لكم هذا الذي ترونه في الجنة، فتأخذهم الحسرة، ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار، فيقال:
لولا أن من الله عليكم.
17887 - حدثنا أبو السائب، قال: ثنا معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (ص): يجاء بالموت يوم القيامة فيوقف بين الجنة والنار كأنه كبش أملح قال: فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون، فيقولون: نعم، هذا الموت، فيقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون، فيقولون: نعم هذا الموت، ثم يؤمر به فيذبح قال: فيقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت،