فإذا كان ذلك معروفا فيهم على ما ذكرنا، فالواجب أن يوجه تأويله إلى المعروف فيهم من معناه، ولا سيما إذا وافق ذلك تأويل أهل العلم من الصحابة والتابعين.
فتأويل الكلام إذا: يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، ما أنزلناه عليك فنكلفك ما لا طاقة لك به من العمل. وذكر أنه قيل له ذلك بسبب ما كان يلقى من النصب والعناء والسهر في قيام الليل. ذكر من قال ذلك:
18084 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى قال: هي مثل قوله: فاقرءوا ما تيسر منه فكانوا يعلقون الحبال في صدورهم في الصلاة.
18085 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى قال: في الصلاة كقوله: فاقرءوا ما تيسر منه فكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة.
18086 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى لا والله ما جعله الله شقيا، ولكن جعله رحمة ونورا، ودليلا إلى الجنة.
وقوله: إلا تذكرة لمن يخشى يقول تعالى ذكره: ما أنزلنا عليك هذا القرآن إلا تذكرة لمن يخشى عقاب الله، فيتقيه بأداء فرائض ربه واجتناب محارمه، كما:
18087 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إلا تذكرة لمن يخشى وإن الله أنزل كتبه، وبعث رسله رحمة رحم الله بها العباد، ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر له أنزل الله فيه حلاله وحرامه، فقال: تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى.
18088 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إلا تذكرة لمن يخشى قال: الذي أنزلناه عليك تذكرة لمن يخشى.
فمعنى الكلام إذا: يا رجل ما أنزلنا عليك هذا القرآن لتشقى به، ما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشى.