أخفى من مفعوله، والذي يعمل فيه لو كان بمعنى فعل الدليل الواضح على أنه بمعنى أفعل، وأن تأويل الكلام: فإنه يعلم السر وأخفى منه. فإذ كان ذلك تأويله، فالصواب من القول في معنى أخفى من السر أيقال: هو ما علم الله مما أخفى عن العباد، ولم يعلموه مما هو كائن ولما يكن، لان ما ظهر وكان فغير سر، وأن ما لم يكن وهو غير كائن فلا شئ، وأن ما لم يكن وهو كائن فهو أخفى من السر، لان ذلك لا يعلمه إلا الله، ثم من أعلمه ذلك من عباده. وأما قوله تعالى ذكره: الله لا إله إلا هو فإنه يعني به: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له. يقول: فإياه فاعبدوا أيها الناس دون ما سواه من الآلهة والأوثان له الأسماء الحسنى يقول جل ثناؤه: لمعبودكم أيها الناس الأسماء الحسنى، فقال: الحسنى، فوحد، وهو نعت للأسماء، ولم يقل الأحاسن، لان الأسماء تقع عليها هذه، فيقال: هذه أسماء، وهذه في لفظة واحدة ومنه قول الأعشى:
وسوف يعقبنيه إن ظفرت به * رب غفور وبيض ذات أطهار فوحد ذات، وهو نعت للبيض لأنه يقع عليه هذه، كما قال: حدائق ذات بهجة ومنه قوله جل ثناؤه: مآرب أخرى فوحد أخرى، وهي نعت لمأرب، والمآرب:
جمع، واحدتها: مأربة، ولم يقل أخر، لما وصفنا، ولو قيل: أخر، لكان صوابا. القول في تأويل قوله تعالى: * (وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) مسليه عما يلقى من الشدة من مشركي قومه، ومعرفه ما إليه صائر أمره وأمرهم، وأنه معليه عليهم، وموهن كيد الكافرين، ويحثه على الجد في أمره، والصبر على عبادته، وأن يتذكر فيما ينوبه فيه من أعدائه من مشركي قومه وغيرهم، وفيما يزاول من الاجتهاد في طاعته ما ناب أخاه موسى صلوات الله عليه من عدوه، ثم من قومه، ومن بني إسرائيل وما لقي فيه من البلاء والشدة طفلا صغيرا، ثم يافعا مترعرعا، ثم رجلا كاملا: وهل أتاك يا محمد حديث موسى ابن عمران إذ رأى